ولابد ان يكون للشرط فائدة ، مثل ان يقول : ان مرضت أو فني نفقتي أو فاتني الوقت أو ضاق علي أو منعني عدو أو غيره. فأما ان يقول إن خلى حيث شئت ، فليس له ذلك. فإذا حصل ما شرط فلابد له من الهدي ، لعموم الآية ـ هذا كلام الشيخ أبى جعفر.
وقال المرتضى : إذا اشترط المحرم فقال عند دخوله في الاحرام ( فان عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني ) جاز له ان يتحلل عند العوائق من مرض وغيره بغير دم. وهذا أحد قولي الشافعي ، وذهب باقي الفقهاء إلى أن وجود هذا الشرط كعدمه. فان احتجوا بعموم قوله ( وأتموا الحج والعمرة الله فان أحصرتم فما استيسر من الهدي ) قلنا نحمل ذلك على من لم يشترط (١).
( فصل )
وقوله تعالى ( فان أحصرتم ) فيه خلاف : قال قوم ان منعكم حابس قاهر ، وقال آخرون ان منعكم خوف أو عدو أو مرض أو هلاك بوجه من الوجوه فامتنعتم لذلك ، وهذا قول جماعة ، وهو المروي عن ابن عباس. وهذا أقوى ، وهو في اخبارنا ، ولان الاحصار هو ان يجعل غيره بحيث يمتنع من الشئ ، وحصره منعه.
وقوله ( فما استيسر من الهدي ) اي فليهد ما استيسر من الهدي ، أو فعليكم ما سهل وتيسر من الهدي إذا أردتم الاحلال.
وفى معنى ( ما استيسر ) خلاف ، فروى عن علي عليهالسلام انها شاة ، وعن ابن عمر وعائشة انه ما كان الإبل والبقر دون غيرهما ، ووجهها التيسر على ناقة دون ناقة وبقرة دون بقرة. فالأول هو المعمول عليه عندنا وإن كان الأفضل هو الثاني.
وقال الفراء احصر وحصر بمعنى. وقال المبرد والزجاج حصره حبسه وأوقع
__________________
(١) الانتصار ص ١٠٤.