الاجماع عليه اليوم وقد انقرض خلاف عطاء.
ثم قال ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ).
فان قيل : كيف كره المؤمنون الجهاد وهو طاعة الله.
قيل عنه جوابان : أحدهما انهم يكرهونه كراهية طباع ، الثاني انه كره لكم قبل أن يكتب عليكم. وعلى الوجه الأول تكون لفظة الكراهة مجازا ، وعلى الثاني حقيقة.
ومما يدل على وجوب الجهاد أيضا قوله سبحانه ( وجاهدوا في الله حق جهاده ) (١) عن ابن عباس أي جاهدوا المشركين وجاهدوا أنفسكم ، وهو على العموم ، والخطاب متوجه إلى جميع المؤمنين لقوله قبل هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون * وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ) فجاهدوا أمر بالغزو ، ومجاهدة النفس فيه وفي كل طاعة ، وجهاد النفس هو الجهاد الأكبر.
وقوله ( وفي الله ) أي في ذات الله ومن أجله تعالى.
فان قيل : ما وجه إضافة قوله ( حق جهاده ) فالقياس حق الجهاد فيه أو حق جهادكم فيه.
قلنا : الإضافة تكون بأدنى ملابسة وأقل اختصاص ، فلما كان الجهاد مختصا بالله من حيث إنه مفعول لوجهه ومن أجله صحت الإضافة إليه. ويجوز أن يتبع في الظرف ، وكذلك خاطب المؤمنين فقال ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) (٢) أمرهم بالجهاد وبقتال المقاتلين دون النساء.
وقيل : الآية منسوخة بقوله ( اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) (٣) وبقوله
__________________
(١) سورة الحج : ٨٧.
(٢) سورة البقرة. ١٩٠.
(٣) سورة التوبة : ٥.