على غير الدين ولا تعتدوا إلى النساء والصبيان ومن قد أعطيتموه الأمان. والعموم يتناول الأقوال الثلاثة.
( فصل )
فان قيل : إذا كان قتال من لم يقاتلهم اعتداءا فكيف جاز أن يؤمروا به فيما بعد.
قلنا : انما كان اعتداءا من أجل أنه مجاوزة لما حده الله لهم مما فيه الصلاح للعباد في ذلك الوقت ، ولم يكن فيما بعد على ذلك ، فجاز الامر به. فأطلق لهم في الآية الأولى قتال الذين يقاتلونهم منهم في الحرم أو في الشهر الحرام ورفع عنهم الجناح في ذلك ، ثم قال ( ولا تعتدوا ) بابتداء القتال أو بقتال من نهيتم عن قتاله من النساء والصبيان والذين بينكم وبينهم عهد أو بالمثلة أو بالمفاجأة من غير دعوة ، فإنما يجب القتال عند شروط ، وهي أن يكون بأمر الإمام العادل.
ولا يجوز قتال أحد من الكفار الا بعد دعائهم إلى الاسلام والى شرائعه ، فإذا لم يدعوا لم يجز قتالهم. ولا يجوز قتال النساء ، فان عاون أزواجهن وقاتلن المسلمين أمسك عنهن ، فان اضطروا إلى قتلهن جاز حينئذ.
وقوله تعالى ( وفي سبيل الله ) يعنى في دين الله ، وهو الطريق الذي بينه للعباد ليسلكوه على ما أمرهم به ودعاهم إليه. والاعتداء : مجاوزة الحد والحق.
( فصل )
قوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) (١).
يمكن أن يستدل به على أنه إذا دهم المسلمين أمر من قبل العدو يخاف منه وجب حينئذ جهادهم وان لم يكن ثم امام عادل ، ويقصد المجاهد به الدفاع عن
__________________
(١) سورة البقرة : ١٩٤.