قال ابن عباس : كان أهل مكة اجتهدوا أن يفتنوا قوما من المؤمنين عن دينهم والأذى لهم وكانوا مستضعفين في أيديهم ، فقال تعالى ( مالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين ) أي مالكم لا تسعون في خلاصهم.
ومعنى قوله ( الشهر الحرام بالشهر الحرام ) أي هتكه بهتكه ، يعنى كما هتكوا حرمته عليكم فأنتم تهتكون حرمته عليهم.
( والحرمات قصاص ) أي وكل حرمة يجرى فيها القصاص ، ثم أكد ذلك بقوله ( فمن اعتدى عليكم ) أي فلا تعتدوا إلى ما لا يحل لكم. وانما جمع الحرمات لاحد أمرين : أحدهما أن يريد حرمة الشهر وحرمة البلد وحرمة الاحرام ، الثاني ان كل حرمة تستحل فلا يجوز الا على وجه المجازاة.
وروي عن الأئمة عليهمالسلام : ان قوله ( وقاتلوا في سبيل الله ) (١) ناسخ لقوله ( كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة ) (٢) وكذا قوله ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) (٣) ناسخ لقوله ( ولا تطع الكافرين والمنافقين ) (٤).
وقيل : ( قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) ناسخة للآية الأولى التي تضمنت النهي عن القتال عند المسجد الحرام حتى يبدأوا بالقتال ، لأنه أوجب قتالهم على كل حال حتى يدخلوا في الاسلام.
( حيث ثقفتموهم ) أي حيث وجدتموهم في حل أو حرم.
وقوله تعالى ( من حيث أخرجوكم ) أي من مكة ، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لمن لم يسلم منهم يوم الفتح.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٩١.
(٢) سورة النساء : ٧٧.
(٣) سورة البقرة : ١٩١.
(٤) سورة الأحزاب : ٤٨.