قال سعيد بن جبير ومجاهد : غير باغ على امام المسلمين ولا عاد بالمعصية طريق المحقين ، وهو المروي عن الباقر والصادق عليهماالسلام (١).
وقال الرماني : ان هذا لا يسوغ. قال : لأنه تعالى لم يبح لاحد قتل نفسه بل حظر ذلك عليه. وهذا الذي ذكره غير صحيح ، لان من بغى على امام عادل فأدى ذلك إلى تلف نفسه فهو المعرض لقتل نفسه ، كما لو قتل في نفس المعركة فإنه المهلك لها ، فلا يجوز لذلك استباحة ما حرم الله كما لا يجوز له أن يستبقى نفسه بقتل غيره من المسلمين. والرخصة تتناول الميتة ، وان كانت عند المفسرين بصورة المجاعة [ فليست لمكان المجاعة على الاطلاق ، بل يقال انما ذلك للمجاعة ] (٢) التي لم يكن هو المعرض نفسه لها ، فأما إذا عرض نفسه فلا يجوز له استباحة المحرم كما قلناه في قتل نفس الغير ليدفع عن نفسه القتل (٣).
( فصل )
وإذا قوتل البغاة فلا يبتدأون بالقتال الا بعد أن يدعوا إلى ما ينكرون من أركان الاسلام ، كما فعل أمير المؤمنين عليهالسلام بالخوارج. قال تعالى ( ادع إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) (٤) فالجدال قتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج وحل شبهه.
و ( التي هي أحسن ) قيل الرفق والوقار والسكينة مع نصرة الحق بالحجة.
و ( الحكمة ) المقالة الحسنة المحكمة الصحيحة التي تزيل الشبهة وتوضح الحق.
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٢٥٧.
(٢) الزيادة من ج.
(٣) انظر هذا الكلام مع تغيير في بعض الألفاظ في مجمع البيان ١ / ٢٥٧.
(٤) سورة النحل : ١٢٥.