الولد برق أمه وإن كان الأب جزءا على بعض الوجوه ، ويحرر بحرية الام وإن كان الأب عبدا كذلك ، والا لم يسر حكم واحد منهما إلى صاحبه هنا ، ولذلك تقبل شهادة العبيد لساداتهم إذا كان العبيد عدولا [ ويقتل أيضا على غيرهم وبهم ، ولا يقتل على ساداتهم العبيد وإن كان العبيد عدولا ] (١) ودليلنا عليه اجماع الفرقة.
ويمكن أن يستدل من القرآن على ذلك أيضا. ولو كنا ممن يثبت الاحكام بالأقيسة لكان لنا أن نقول : إذا كان العبد العدل بلا خلاف تقبل شهادته على رسوله وعلى آله ـ في رواية عنه وعنهم ـ فلان تقبل شهادته على غيره أولى. على أن العبيد العدول داخلون في عموم الآية ويحتاج في اخراجهم منها إلى دليل.
ولا يعترض على هذا بالنساء ، لأنهن داخلات في الظواهر التي ذكرناها ، مثل قوله ( ذوي عدل منكم ) وقوله ( شهيدين من رجالكم ) ، فأخرجن النساء من هذه الظواهر لأنهن ما دخلن فيها.
وكذلك شهادة الأعمى مقبولة إذا كان عدلا ، لان الأعمى داخل في ظواهر الآيات ، ولا يمنع عماه من كونها متناولة له.
ومعول من خالفنا في هذه المسألة على أن الأعمى تشتبه عليه الأصوات. وهذا غلط فاحش ، لان الضرير يعرف زوجته ووالديه وأولاده ضرورة ، ولا يدخل عليه شك في ذلك كله. ولو كان لا سبيل له إلى ذلك لم يحل له وطوء زوجته ، للتجويزة أن تكون غير من عقد عليها.
وان استدل المخالف بقوله ( وما يستوي الأعمى والبصير ) (٢) فالجواب عنه أن الآية مجملة لم تذكر ما يستوون فيه. وادعاء العموم فيما لم يذكر غير صحيح ، وظواهر آيات الشهادة تتناول الأعمى كتناولها البصير إذا كان عدلا ، لان قوله ( وأشهدوا ذوي
__________________
(١) الزيادة من م.
(٢) سورة فاطر : ١٩.