ولهذا احتاج إلى تسليمتين.
ويمكن أن يقال : ليس استحباب التسليمتين في حقّه ؛ لكون الاولى ردّاً والثانية مخرجة ؛ لأنه إذا لم يكن على يساره أحد اكتفى بالواحدة عن يمينه وكانت محصّلة للردّ والخروج من الصلاة ، وإنما شرعيّة الثانية ليعمّ السلام على الجانبين ؛ لأنه بصيغة الخطاب ، فإذا وجّه إلى أحد الجانبين اختصّ به وبقي الجانب الآخر بغير تسليم ، ولمّا كان الإمام غالباً ليس على جانبيه أحد اختصّ بالواحدة ، وكذلك المنفرد ، ولهذا حكم ابن الجنيد (١) : بما تقدّم من تسليم الإمام إذا كان في صفّ عن جانبيه ) (٢) ، انتهى.
وظاهره الميل إلى وجوب قصد الإمام التسليم على المأموم ، والمأموم قصد الردّ على الإمام ، وبعضهم على بعض.
وفاضل ( المناهج ) : لمّا أورد عبارة ( الذكرى ) بحروفها من غير مناقشة قال بعدها بلا فصل : ( ولا تتوهّم أنه إن كان يجب على المأمومين ردّ الإمام وجب على كلّ مَنْ سمع تسليم كلّ مصلّ ردّه ؛ لأنه يقصد بتسليمه المؤمنين ؛ لأن الإمام ينبغي أن يخصّ المأمومين بالتسليم من بين المؤمنين ثمّ يقصد سائرهم ، بخلاف غير المأموم فإنه غير مقصود بخصوصه ، على أن قصده المؤمنين غير معلوم ، بخلاف قصد المأمومين فإنه الظاهر ) ، انتهى.
قلت : ظاهره كـ ( الذكرى ) وجوب قصد الإمام التسليم على المأموم والمأموم الردّ على الإمام وبعضهم على بعض ، إلّا إن قوله : ( ثمّ يقصد سائرهم ) لم يظهر لي معناه ، فإن ( ثمّ ) تقتضي الترتيب مع التراخي ، والقصد سابق على التسليم قطعاً.
والوجه في أنه لا يجب الردّ على كلّ مَنْ سمع تسليم مُصَلّ غير المأموم أن قصارى الأمر استحباب قصد سائر المؤمنين مع جملة مَنْ يقصد بتسليمه ، ولا نعلم قائلاً بوجوب هذا القصد ، ولا دليلاً عليه ، والأصل عدمه ، والسامع لا يجب عليه الردّ ،
__________________
(١) عنه في مختلف الشيعة ٣ : ٥١٦ / المسألة : ٣٧٩.
(٢) الذكرى : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ( حجريّ ).