إلّا إذا تيقّن أنه مقصود بالسلام ، ولا قرينة تدلّ على قصده ، فلا يجب الردّ.
بل الظاهر أنه لا يشرع إلّا للمأموم ؛ لعدم الدليل على مشروعيّته حينئذٍ ، ولأنه خلاف عمل المسلمين في سائر الأزمان والأصقاع ، كما لا يخفى.
ثمّ قال رحمهالله بعد قول ( الروضة ) : ( فليقصد بالأُولى الردّ على الإمام ) (١) ـ : ( لأنه حقّ آدمي أداؤه واجب مضيّق ، ولكن ينافيه الإيماء إلى اليمين كما لا يخفى ، بل الأوْلى أن يقصد بالأُولى الردّ مضافاً إلى مقصده. وقال في ( البيان ) : ( الظاهر أن ردّ السلام هنا غير واجبٍ ؛ لعدم قصد المصلّي التحيّة المحضة ) (٢) أقول : ولو سلّم ، فلمّا لم يكن القصد واجباً لم يتيقّن المأموم قصده ، فلم يعلم بما يوجب الردّ ) ، انتهى.
قلت : لا ينافيه الإيماء إلى اليمين لوجهين :
أحدهما : أنه حينئذٍ تعبّد محض.
والثاني : أن العلّة في هذا الإيماء إدخال الكاتبين في التسليم ، كما صرّح به بعض الأخبار (٣) ، فلا منافاة بين وجوب ردّ المأموم لأنه مسلّم عليه وبين الالتفات.
ومعنى عدم قصد المصلّي التحيّة المحضة إنه يقصد التحيّة بجزء من الصلاة ، فهو تحيّة وجزء ، وأنت خبير بأن قصد الجزئيّة مع قصد التحيّة لا ينافي وجوب الردّ.
نعم ، إن قلنا : إن قصد التحيّة بالسلام للمأموم غير واجب ، توجّه عدم وجوب الردّ ؛ لعدم تيقّن المأموم أن الإمام سلّم عليه ، بل على هذا لا يظهر وجه لمشروعيّة الردّ بمجرّد الاحتمال الإمكاني ، مع عدم إمكان إطلاق المأموم على قصد الإمام ، فالاستحباب حينئذٍ يحتاج إلى دليل ، فأمّا الوجوب إن قلنا بوجوب قصد الإمام التسليم على المأموم ، أو عدم مشروعيّة قصد الردّ إن لم نقل به.
والتحقيق أن نقول : الذي يظهر لي بعد تدبّر الأخبار واستشهاد الاعتبار أن المنفرد والإمام والمأموم يلزمهم قصد التسليم على محمّد وآل محمَّد صلىاللهعليهوآله : ، وذلك أنه
__________________
(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٢٨٠.
(٢) البيان : ١٧٨.
(٣) علل الشرائع ٢ : ٥٧ ـ ٥٨ / ١.