يسار المأموم أحد استحبّ له أن يسلّم اخرى ـ : هو أحد يصلّي معه مؤتمّاً بمن ائتمّ به ، وأنه لا يعني به كلّ شيء ، وإلّا لشمل الحائط والبهيمة والملائكة والجانّ ، فعلى هذا يشرع لكلّ مأموم تسليمتان ؛ لأنه لا يخلو يساره عن أحد بالضرورة ، وبطلان هذا لا غبار عليه ، ولذلك لم نعلم أحداً من المصنّفين نصّ على هذا التعميم ، ولم يُذكر في خبر.
واستناده رحمهالله إلى الأخبار الكثيرة إنما هو في استحباب تسليمتين للمأموم إذا كان عن يساره أحد من المأمومين لإمامه ، كما يدلّ عليه علّة ذلك ، وهو الردّ على مَنْ على يساره مع سبقهم له بتسليم أو التسليم عليهم ، لما عرفت من أن المأموم يقصد الردّ على الإمام والتسليم على غيره من المأمومين أو الردّ عليهم ، ويشعر به استدلاله بصحيحة ابن عوّاض ، فلا تغفل.
بقي هنا شيئان يجب التنبيه عليهما :
الأوّل : يحتمل عندي احتمالاً قويّاً أن المأموم إذا علم سبق تسليم مَنْ على يساره مِنَ المأمومين وجب عليه التسليمة الثانية ، لتكون التسليمة الاولى مؤدّية لفريضة الصلاة والردّ على الإمام ، والتسليم على مَنْ وجب عليه التسليم عليه ، وسنّة التسليم على غيره من المأمومين. والثانية للردّ على من سبق تسليمه عليه منهم ، وهم مَنْ على يساره منهم ؛ لعموم أدلّة وجوب ردّ السلام من الكتاب (١) والسنّة (٢) ، فلو قيل به لكان قويّاً ، لكن لم أرَ مَنْ ذكره.
الثاني : دلّ الفتوى والأخبار الواردة في هذه المسألة على أن التسليم قد صار حقيقة شرعيّة وعرفيّة في الصلاة كغيرها في السلام عليكم ، أو ما يتبعها ؛ إذ لا يقول أحد : إن المراد بـ : يسلّم مرّة أو مرّتين أو ثلاثاً ، أو يسلّم على ملَكَيْه ، أو المأموم ، وبه يردّ على الإمام ، أو يقصد الأنبياء والرسل ، إلى غير ذلك من هذه المعاني والمقاصد ، متحقّق في السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإذن لا يحمل إطلاق
__________________
(١) النساء : ٨٦.
(٢) انظر الكافي ٢ : ٦٤٤ / باب التسليم.