ويمكن أن يقال : إن الشهيد : في ( اللمعة ) و ( النفليّة ) إنما أراد بالإيماء إلى القبلة هو التسليم مستقبل القبلة ، بقرينة كلامه في ( الذكرى ) ، وبقرينة فتواه في جميع كتبه باستحباب نظره حال الجلوس للتشهّد إلى حِجْرهِ.
أو أراد به الإيماء بقلبه لا بوجهه الجسماني ، أي يكون حال تسليمه مشيراً بقلبه وقصده إلى القبلة ، وأراد مَنْ في جهتها.
أو أراد بالقبلة القبلة الحقيقيّة ، وهو مَنْ يستقبله حال صلاته بقلبه ، فلا تناقض في فتواه ، ولا خروج عن ظاهر فتوى غيره.
وقال أيضاً في ( المناهج ) : ( قوله : ( على كونه إلى القبلة ) (١) كرواية عبد الحميد بن عوّاض : عن الصادق عليهالسلام : قال فإن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة ). وقال أيضاً : ( قوله : ( وفي ( الذكرى ) ادّعى الإجماع ) (٢) ) إلى آخره قال : ( لا إيماء إلى القبلة بشيء من صيغتي التسليم المخرج من الصلاة بالرأس ولا بغيره إجماعاً ، وإنما المنفرد والإمام يسلّمان تجاه القبلة بغير إيماء ، وأمّا المأموم فالظاهر أنه يبتدئ به مستقبل القبلة ، ثمّ يكمله بالإيماء إلى الجانب الأيمن أو الأيسر. وهذه العبارة كما تدلّ على نفي الإيماء إلى القبلة مطلقاً تدلّ على الفرق بين المأموم وغيره باختصاص الإيماء إلى اليمين أو اليسار به.
واستفاد منها الشارح في ( روض الجنان ) (٣) تبعاً للشيخ عليّ (٤) : رحمهالله أن الإيماء بعد الفراغ من التسليم ، مع أنها صريحة في خلافه ، فإنه إنما جعل الإيماء في تكميل السلام لا بعده ، ولا شيء في كلامه يوجب حمل ذلك على أن يقرن بين التكميل والإيماء ، فإن الذي نفى أن يكون بصيغة التسليم إنما هو الإيماء إلى القبلة. نعم ، يتوجّه عليه أن الفرق الذي اختاره لا وجه له ).
__________________
(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ١ : ٢٩٧.
(٢) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ١ : ٢٩٧.
(٣) روض الجنان : ٢٨١.
(٤) جامع المقاصد ٢ : ٣٢٨ ـ ٣٢٩.