وقال : ( قوله : ( واستدلّوا عليه بما لا يفيده ) (١) ، وهو رواية البزنطي : عن عبد الكريم عن أبي بصير : عن الصادق : صلوات الله عليه قال إذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك (٢) ، فإنه مع عدم نقاء السند إنما المتبادر منه أن يحوّل وجهه إلى اليمين ، لا أن يومئ بمؤخّر العين إليه ، إلّا إنهم لعلّهم أرادوا الجمع بينه وبين ما دلّ على الاستقبال ، فإن المراد به لا بدّ من أن يكون ما يقابل الكون عن اليمين أو الشمال ، لا ما ينافي ميل الوجه قليلاً إلى أحدهما ، فحينئذٍ لا بدّ من حمل هذه الرواية على إرادة الإيماء بالعين. وبَعْدُ فيه ما فيه ؛ لصحّة الرواية الأُولى دون هذه ، فلا تعارض بينهما حتّى يفتقر إلى الجمع ، وروى الصدوق : في ( العلل ) (٣) مسنداً عن المفضّل بن عمر ) وساق الخبر المتقدّم.
ثمّ قال : ( وقد عمل بمضمونه الصدوق : في ( الفقيه ) (٤) ، إلّا فيما سيأتي من أنه ينزّل الحائط عن اليسار منزلة الإنسان ، ويمكن أن تكون هذه الرواية متمسّكاً للعاكس القائل : إن الإمام يومئ بمؤخّر عينه والمنفرد بصفحة وجهه ، حملاً للإيماء بالأنف على ما قاربه من صفحة الوجه ، أو لأن الإيماء بصفحة الوجه يستلزم الإيماء بالأنف.
وأمّا ابن إدريس (٥) : المسوّي بينهما في الإيماء بصفحة الوجه ، فالخبر الأوّل الذي حمله الأكثر على الإيماء بمؤخّر العين مع الذي يأتي يصلحان متمسّكاً له ) ، انتهى.
وهو حسن ، وأحسن منه حمل خبر أبي بصير (٦) : على ميل الوجه إلى اليمين شيئاً قليلاً لا ينافي الاستقبال بالوجه ، كما يرشد إليه الإجماع والأخبار على عدم جواز تعمّد الميل به إلى محض اليمين أو الشمال ، فلا تنافي بين الخبرين ، ولعلّه مراد من
__________________
(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٢٧٩.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٥٧ / ١.
(٣) علل الشرائع ٢ : ٥٧ / ١.
(٤) الفقيه ١ : ٢١٠ / ذيل الحديث ٩٤٤.
(٥) السرائر ١ : ٢٣١.
(٦) المعتبر ٢ : ٢٣٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ١١.