بالترتيب الذي اعتبره يمكن في غيره فليعتبر.
وقال في ( المسالك ) : ( وينبغي أن يكون الإيماء بالصفحة بعد التلفّظ بـ : « السلام عليكم » إلى القبلة ، جمعاً بين وظيفتي الإيماء والاستقبال بأفعال الصلاة على تقدير كونه منها ) (١) ، انتهى.
يعني : أنه يدوم مستقبلاً إلى أن يقول السلام عليكم ، ثمّ يومئ ويقول ورحمة الله وبركاته بناءً على أن أقلّ الواجب هو السلام عليكم ، وقد حصل مستقبلاً ، ولا يخفى أنه خلاف الظاهر ؛ لأن الظاهر أن يكون الإيماء مقروناً بالخطاب.
ثمّ أقول : إن الخبر الذي عارض خبر الإيماء على ما صرّح به في ( روض الجنان ) (٢) هو رواية أبي بصير : عن الصادق عليهالسلام : ثمّ تُؤذِنُ القومَ ، فتقول وأنت مستقبل القبلة : السلام عليكم (٣) ، وفي طريقها محمّد بن سنان : ومحمّد بن مسْكان : ، فلا تقوى على معارضة صحيحة عبد الحميد (٤) : ، بخلاف حال المنفرد فإن الدالّ على الاستقبال هناك صحيح ، والدالّ على الإيماء ضعيف.
على أن هذه الرواية على تقدير الاعتماد عليها ليست صريحة المعارضة لتلك الرواية ، فإنه تقدّم فيها الأمر بقول السلام علينا ، وأنه تنقطع به الصلاة ، فيحتمل أن يكون الإيماء به على قول من خيّر بين العبارتين كالمصنّف هنا ، على أنه ذكر في ( روض الجنان ) (٥) أن الإيماء بصفحة الوجه لا ينافي الاستقبال ، وإنما الغرض من ذكر الاستقبال الردّ على العامّة ، حيث يولّون تمام وجوههم فيحرفونها عن القبلة ، وهو حسن ، إلّا أن يحمل الاستقبال على الإيماء إلى القبلة ، كما فهمه المصنّف ، وقد عرفت أنه لا وجه له.
__________________
(١) مسالك الأفهام ١ : ٢٢٥.
(٢) روض الجنان : ٢٨١.
(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٨.
(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٢ / ٣٤٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٦ ، أبواب التسليم ، ب ١ ، ح ٣.
(٥) روض الجنان : ٢٨١.