وأمّا إن رواية أبي بصير (١) : لضعفها لا تعارض صحيحة عبد الحميد (٢) : فحقّ ، لكن إذا أمكن الجمع بينهما بما لا يستلزم طرح ظاهر كلّ منهما وجب ، فإن طرح الرواية لا يخلو من شَوْبِ تكذيب للراوي ، وهو ممّا يجب اجتنابه حتّى يقوم الدليل القاطع عليه. نعم ، إن استلزم الجمع طرح ظاهر أحدهما أو كلاهما لم يقبل إلّا بدليل.
هذا ، وقد وثّق جماعة محمّد بن سنان : ، منهم المفيد (٣) : ، ومنهم : الشيخ حسين بن عصفور : في ( شرح المفاتيح ) ، وقد ورد فيه روايات (٤) تدلّ على جلالته (٥).
وروى عنه جماعة من أكابر العصابة ، واعتمد على هذه الرواية جماعة واستدلّوا بها على استحباب السلام.
وابن مسْكان : مجهول الحال ، فروايته أقوى من رواية معلوم الضعف ، كما أن رواية المختَلَف في حاله أقوى من رواية المتّفَق على ضعفه ، ولكن لا شكّ أن المقطوع بصحّتها أقوى منهما ، وفيما تضمّنته من الأمر بـ : « السلام علينا » مع الحكم بانقضاء الصلاة به ما مرّ ، واحتمال الإيماء بـ : « السلام علينا » كما ترى ، مع أنه مدفوع بما مرّ في كلامه من تأويلها.
وما نقله عن ( روض الجنان ) (٦) هو عين ما حقّقناه من أن الإيماء بصفحة الوجه يجب حمله على ما لا يخرج به عن الاستقبال عرفاً ، فهو حسن كما قال. وحمل الاستقبال على الإيماء بعيد عن الظاهر جدّاً ، على أنه اعترف بأنه لا وجه له ، فلا وجه لاحتماله.
ثمّ قال رحمهالله : ( قوله : ( بصيغة السلام عليكم ) (٧) في المرّتين ، وإلّا فالإتيان بالصيغتين
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٨.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٢ / ٣٤٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٦ ، أبواب التسليم ، ب ١ ، ح ٣.
(٣) الإرشاد ( ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١١ / ٢ : ٢٤٨.
(٤) رجال الكشّي ٢ : ٨٤٩ ـ ٨٥٠.
(٥) في المخطوط بعدها : ( لكنه الراوي ).
(٦) روض الجنان : ٢٨١.
(٧) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٧٩.