مثل فتوى هؤلاء الأعاظم.
وقد عرفت أن ابني بابويه (١) : جعلا الحائط بمنزلة المأموم في استحباب التسليمة الثانية للمأموم ، وأنكر جماعة الدلالة عليه.
وقال في ( الذكرى ) : ( لا بأس باتّباعهما لأنهما جليلان لا يقولان إلّا عن ثَبْت ) (٢) ، واعتماد الفقهاء في المستحبّات على فتوى أكابر العصابة كثير.
ثمّ قال في ( المدارك ) : ( قوله : ( والإمام بصفحة وجهه ، وكذا المأموم ، ثمّ إن كان على يساره غيره أومأ بتسليمة أُخرى إلى يساره بصفحة وجهه ) (٣). المستند في ذلك ما رواه الشيخ : في الصحيح عن منصور بن حازم : قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : الإمام يسلِّم واحدة ، ومَنْ وراءَه يسلّم اثنتين ، فإن لم يكن على شماله أحد سلَّم واحدة (٤).
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال إذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت ، وسلم على مَنْ على يمينك وشمالك ، فإن لم يكن على شمالك أحد فسلِّم على الذين على يمينك (٥).
وليس في هاتين الروايتين ولا في غيرهما ممّا وقفت عليه دلالة على الإيماء بصفحة الوجه ) (٦) ، انتهى.
قلت : قد عرفت أن التسليم عن اليمين أو الشمال مستلزم للإيماء بصفحة الوجه ، أو هو هو ، فلا غَرْوَ في التعبير عن أحدهما بالآخر ، وباقي البيان ووجه الفتوى بيّن ممّا قبله.
وقال البهائي : في ( الحبل ) : ( أمّا إيماء الإمام والمأموم بصفحة الوجه ، والمنفرد بمؤخّر العين ، فلم نظفر في الأخبار التي وصلت إلينا بما يصلح مستنداً له ) (٧) ، انتهى.
__________________
(١) المقنع : ٩٦.
(٢) الذكرى : ٢٠٨ ( حجريّ ).
(٣) شرائع الإسلام ١ : ٧٩.
(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٦ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٠ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٤.
(٥) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٨.
(٦) مدارك الأحكام ٣ : ٤٣٩ ، ويلاحظ أن صاحب المدارك قد أفرد عبارة ( والإمام بصفحة وجهه ) بشرح مستقلّ.
(٧) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٥ ( حجريّ ).