السجدتين بكمالهما حتّى يرفع رأسه من الثانية من الركعة ، وأنه ما دام لم يرفع رأسه من الثانية فهو في الركعة لم يخرج منها ، خصوصاً أخبار الدعوات والأوراد الواردة بأنك تدعو في آخر سجدة من مفردة الوتر (١) ، أو آخر سجدة من الركعة الأخيرة من صلاة كذا (٢) ، وأمثال هذا مستفيض لا يسع المقامُ نقلَه.
وكلّ هذا يدلّ دلالة صريحة على أن الحقيقة الشرعيّة في الركعة هي مجموع الأفعال حتّى تنفصل الجبهة من محلّ السجود في السجدة الثانية. فإذا ثبت هذا ثبت أن آخر الركعة هو رفع الرأس من السجدة الثانية ، وفي كثير من الأخبار : تصلّي ركعتين تطيل سجودهما وركوعهما (٣).
وبالجملة ، فإن استفادة أن آخر الركعة رفع الرأس من السجدة الثانية من النصّ غير عزيز ، بل لعلّك لو تدبّرت كتب الدعوات وما ورد في طلب الحاجات وجدت الدلالة على ذلك مستفيضة. وأيضا إذا انفصل رأس المصلّي من موضع السجود في الثانية فقد تمّت الركعة إجماعاً ، ولم يقم دليل على انتهائها قبل ذلك من نصّ ولا إجماع ، فهو قبل ذلك في الركعة بحكم الاستصحاب ، وأصالة عدم الدخول في غيرها عدم حدوث الحادث.
قال الكاشاني في ( شرح المفاتيح ) : ( المراد من إدراك الركعة إدراك تمامها ، وهو رفع الرأس من السجدة الأخيرة ؛ لأنه المصطلح عليه عند المتشرّعة ، فعلى تقدير ثبوت الحقيقة الشرعيّة مطلقاً أو في زمان الصادقين عليهماالسلام ومَنْ بعدهما فأمر ظاهر ، وعلى القول بنفيها فالقرينة الصارفة عن المعنى اللغوي تعيّن الاصطلاحي بغلبة الاستعمال وشيوعه إلى أن اعتقد الحقيقة الشرعيّة الفحول من المحقّقين ، فالذهن ينصرف إليه لا إلى ما لم يعهد استعمال الشارع فيه أو ندر.
__________________
(١) المصباح ( الكفعمي ) : ٨١ ، بحار الأنوار ٨٤ : ٣٠٨ / ٨٦.
(٢) انظر : الكافي ٣ : ٤٧٨ ـ ٤٧٩ / ٨ ، وسائل الشيعة ٨ : ١٢٨ ، أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ، ب ٢٨ ، ح ١.
(٣) انظر المصباح ( الكفعمي ) : ٢٧٦ ، ٢٧٧.