وضوح الدلالة ، وليس التعبير بـ ( مَنْ ) عن غير العقلاءِ بعزيزٍ في العربية (١).
وما ألطف ما نُقِلَ عن الزمخشري : من قوله في جملة الاستدلال على هذا ، حيث قال : ( ويدلّ عليه قول العلماء : مَنْ لِمَا يَعْقِلُ ).
وبهذا استدلّ في ( الذكرى ) قال فيها في سياق الاستدلال لوجوب التسليم : ( وأيضاً فكلّ مَنْ قال : التكبيرُ من الصلاة ، ذهب إلى أن التسليمَ واجبٌ وأنه منها ) (٢). وهما أخذاه من استدلال المرتضى : به.
قال في ( المختلف ) : ( احتجّ المرتضى (٣) .. ) ، وذكر حديث : [ تحريمها (٤) التكبير (٥) ] ومداومته صلىاللهعليهوآله عليه ، مع قوله صلّوا كما رأيتموني أُصلّي.
ثمّ قال : ( ولأن كلّ مَنْ قال بكون التكبير من الصلاة قال : إن التسليمَ واجبٌ ، وإنه من الصلاة ) (٦). ثمّ أخذ في بيان أن التكبير من الصلاة ، وفهم منه أنه ادّعى الإجماعَ ، ومَنَعَهُ.
الحادي عشر : ما شاع بين الموجبين الاستدلال به من قولهم : شيءٌ من التسليم في غير الردّ واجبٌ ، ولا شيءَ من التسليم في غير ردّ السلام بواجبٍ في غير الصلاة إجماعاً (٧).
أمّا المقدّمة الأُولى ؛ فلقوله تعالى : ( وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٨) ، وأما الثانية فواضحة.
ولا ينافي هذا ما جاء في تأويل الآية مِنْ أن المراد التسليم لوصيّه من بعده (٩) أو التسليم عليه (١٠) ، فإن القرآن المجيد ذو بطون وظاهر وباطن وتأويل وتفسير ، والكلّ حجّة بلا تنافٍ ، واستدلالنا هنا بظاهر لفظ الآية ، ولا يتبادر منه إلّا التحيّة المعهودة وهي : السلام عليكم.
__________________
(١) شرح ابن عقيل ١ : ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٢) الذكرى : ٢٠٥ ( حجريّ ).
(٣) الناصريّات : ٢١١ / المسألة : ٨٢.
(٤) في المخطوط : ( مفتاحها ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٥) عوالي اللآلي ١ : ٤١٦ / ٩١.
(٦) مختلف الشيعة ٢ : ١٩٢ ـ ١٩٣ / المسألة : ١٠٩.
(٧) مختلف الشيعة ٢ : ١٩٤ / المسألة : ١٠٩.
(٨) الأحزاب : ٥٦.
(٩) الاحتجاج ١ : ٥٩٧.
(١٠) الوسيط ٣ : ٤٨١.