الموقفين أنه يعدل إلى نيّة حجّ الإفراد ، وعليه بعد إكماله عُمرة مفردة. وعلى مضمونها الفتوى والعمل بلا خلاف يظهر. فهذا إن لم يدلّ على وجوب العُمرة المفردة في حجّ الإسلام فهو يؤيّده ويشهد له.
وممّا يُستأنس له به مثل صحيحة ابن أُذينة في مكاتبته لأبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) أنه عليهالسلام قال يعني به الحجَّ والعُمرة جميعاً (٢).
وما في معناهما ممّا ورد في تفسير الآية ، بل لعلّ في قوله جميعاً دليلاً بطريق الإشارة إلى أن حجّ الفريضة وهو حجّ الإسلام لا بدّ معه من العُمرة فتأمّله فيكون ظاهر الآية يدلّ عليه بمعونة الرواية.
وظاهر قوله عزّ اسمه ـ ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٣) وما ورد في تفسيرها في عدّة أخبار منها الصحيحة المذكورة (٤) أن المراد بإتمامها أداؤهما واتّقاء ما يتّقي المحرم فيهما ، فإن جمعهما في الأمر بإتمامهما يعني : أداءهما بمقتضى الروايات مع وحدة الأمر لعلّه يشعر بذلك.
وأمّا الحجّ المندوب فلا تجب معه العُمرة ما لم يكن تمتّعاً ؛ لعدم تحقّقه بدونها ، وأخبار وصف التمتّع والإفراد دليل على ما قلنا ، حيث حكمت في التمتّع بطوافين بين الصفا والمروة ، وفي القرآن والإفراد بطواف واحد.
وخصوص خبر عبد الملك بن عمرو : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فقال تمتّع.
قال : فقضى أنه أفرد الحجّ في ذلك العام أو بعده ، فقلت : أصلحك الله سألتك فأمرتني بالتمتّع ، وأراك قد أفردت الحجّ ، فقال أما والله ، إنّ الفضل لفي الذي أمرتك به ، ولكنّي ضعيف فشقّ علي طوافان بين الصفا والمروة ، فلذلك أفردت
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.
(٢) الكافي ٤ : ٢٦٤ / ١ ، وسائل الشيعة ١١ : ٧ ، أبواب وجوب الحجّ ، ب ١ ، ح ٢.
(٣) البقرة : ١٩٦.
(٤) أي صحيحة ابن أُذينة.