يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي يتمتّع فيه ؛ لأن لكلّ شهر عمرة وهو مرتهن بالحجّ.
قلت : فإنه دخل في الشهر الذي خرج فيه قال كان أبي مجاوراً هاهنا فخرج يتلقّى هؤلاء ، فلما رجع فبلغ ذات عرق ، أحرم من ذات عرق بالحجّ ، ودخل وهو محرم بالحجّ (١).
فهذه الأخبار وغيرها تدلّ على أنه يجوز دخول مكّة بغير إحرام لمن أراد أن يدخلها قبل مضيّ شهر من إحلاله من إحرام قبله ، وأن الأفضل إلّا يدخلها إلّا محرماً. فإن كان الإحرام السابق الذي أحلّ منه بعمرة التمتّع لم يخرج إلّا بعد أن يحرم بالحجّ ، فإن لم يفعل بأن دخل بعد مضيّ شهر من إحلاله دخل محرماً بعمرة التمتّع ، وهي عمرته ولا يجب عليه للأُولى طواف النساء ؛ لأنهن قد حللن له ، فلا يحرمن إلّا بدليل ، ولا دليل. وقيل : يجب ، وهو ضعيف.
وإن دخل قبل مضيّ شهر دخل محلّاً. ولا يظهر لي دليل على جواز إحرامه بعمرة التمتّع ولا المفردة من نصّ ولا إجماع بل ولا فتوًى ولا بالحجّ ما لم يتضيّق وقته ؛ لعدم ظهور قائل به وإن دلّ ظاهر بعض الأخبار لإمكان حمله على التضيّق أو غيره. لكن يظهر من بعض عبارات ( تهذيب الأحكام ) (٢) و ( المنتهى ) (٣) جوازه ، وهو محمول على التضيّق.
وإن كان بعمرة مفردة ، فإن شاء دخل ناسكاً ، وإن شاء محلّاً إن لم يمضِ شهر من إحلاله ، وإن مضى شهر وجب عليه ألّا يدخلها إلّا محرماً.
وعلى وجوب الإحرام للدخول بعد مضيّ شهر من إحلاله تحمل الأخبار الدالّة بظاهرها على وجوب الفصل بين العمرتين بشهر ، مثل إنّ لكلّ شهر عمرة (٤) ، وشبهه.
وتحمل الأخبار الدالّة على عدم تقدير في الفصل بين العمرتين والدالّة على
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٤٢ / ٢ ، وسائل الشيعة ١١ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، أبواب أقسام الحجّ ، ب ٢٢ ، ح ٨.
(٢) تهذيب الأحكام ٥ : ١٦٤ / ذيل الحديث ٥٤٨.
(٣) منتهى المطلب ٢ : ٧١١.
(٤) تهذيب الأحكام ٥ : ٤٣٥ / ١٥١٠ ، وسائل الشيعة ١٤ : ٣٠٩ ، أبواب العمرة ، ب ٦ ، ح ٥.