هو الشهر الذي يلي الإحلال الأوّل ، فإنه المتبادر ؛ لأنه الذي يقع فيه الاشتباه على السائل غالباً. وإلّا فوقوع مثل هذا السؤال ممّن أحلّ منذ عشرة أشهر مثلاً أو أكثر بعيد لندور الاشتباه فيه وبعده ، خصوصاً إذا مضى له سنون وهو في مكّة بعد الإحلال ثمّ خرج ؛ لشمول الفرض له ، وعدم تقدير المدّة فيها بين الخروج والإحلال ، فلا ريب في ضعف القول بذلك.
واستثنى جماعةٌ المماليك أيضاً ، فجوّزوا لهم دخول مكّة بلا إحرام ، واستدلّ له في ( المنتهى ) (١) بأن السيّد لم يأذن لهم في التشاغل بالنُّسك عن خدمته ، وبأنه لم يجب عليهم حجّة الإسلام لهذا ، فعدم وجوب الإحرام للدخول أوْلى.
وفيه أنه إن سلّم صحّة الدليل كان لازمه تحريم الإحرام لا عدم وجوبه ، مع أن ظاهر الفتوى أن كلّ من جاز له الدخول بغير إحرام جاز له الدخول محرماً ، بل هو أفضل.
وأيضاً المملوك الذي يريد دخول مكّة إن كان مأذوناً له في دخوله أو مأموراً من سيّده ، فالنصّ (٢) والإجماع على وجوب الإحرام على كلّ من أراد دخول مكّة بقول مطلق ، عدا ما قام الدليل على رخصته في الدخول بغير إحرام يشمله. فحينئذٍ منعُ السيّد للمملوك المأمور بالدخول عن الإحرام بمنزلةِ المأمور بالصلاة مع النهي عن الطهارة ، فإن الإحرام شرط في جواز دخولها ، فيحرم على كلّ مكلّف دخولها بدونه ، عدا ما استثناه الدليل ، ولا دليل هنا من نصّ أو إجماع على رخصة المملوك في ترك الإحرام.
وإن كان غير مأذون له بل هو عاصٍ بدخوله حرّم عليه الدخول والإحرام وإثم عليهما. فلا ريب في ضعف هذا القول ؛ لعدم الدليل عليه ومعارضة عموم الأدلّة وإطلاقها على كلّ من أراد دخولها له ، فإن هذا أصل وقاعدة مسلّمة ، فلا يجوز الخروج عنها إلّا بدليل.
__________________
(١) منتهى المطلب ٢ : ٦٨٩.
(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٤٠٢ ، أبواب الإحرام ، ب ٥٠.