عبارة ، أو إشارة ، أو فتوى ، فلمّا وجدنا النصّ والفتوى متطابقين على أن أدنى الحِلّ محرم اختياريّ لمن أراد الاعتمار بها ممّن كان في الحرم ، ولم يبيّن الشارع لنا تخصيصه به كما بيّن تخصيصه مكّة لحجّ المتمتّع ولأهلها ، علمنا أن هذا عامّ لكلّ معتمر بمفردة ، وإلّا لوجب بيانه في الحكمة الإلهيّة ؛ لعموم البلوى وحذراً من الإغراء بما ليس مشروعاً. فتأمّل المقام والمقال ، واعرف الرجال بالحقّ ولا تعرف الحقّ بالرجال.
وأمّا الأخبار الدالّة على هذا غير ما أشرنا إليه فمنها صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال اعتمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاث عمر متفرّقات : عمرة في ذي القعدة ، أهلّ من عسفان ، وهي عمرة الحديبية. وعمرة أهلّ من الجحفة ، وهي عمرة القضاء. وعمرة أهلّ من الجعرانة ، بعد ما رجع من الطائف من غزوة حنين (١).
وخبر أبان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال اعتمر رسول الله صلىاللهعليهوآله عمرة الحديبية وقضى الحديبية من قابل ، ومن الجعرانة حين أقبل من الطائف ، ثلاث عمر كلّها في ذي القعدة (٢).
وصحيح عبد الله بن الحجّاج : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إني أُريد الجوار ، فكيف أصنع؟ قال إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجّة فاخرج إلى الجعرانة فأحرم بالحجّ.
إلى أن قال إن سفيان فقيهكم أتاني فقال : ما يحملك على أن تأمر أصحابك يأتون الجعرانة فيحرمون منها؟ فقلت له : هو وقت من مواقيت رسول الله صلىاللهعليهوآله. فقال : فأي وقت من مواقيت رسول الله صلىاللهعليهوآله هو؟ فقلت له : أحرم منها حين قسّم غنائم حنين ومرجعه من الطائف. فقال : إنما هذا شيء أخذته من عبد الله بن عمر ، كان إذا رأى الهلال صاح بالحجّ ، فقلت : أليس قد كان عندكم مرضياً؟. قال : بلى ، ولكن [ أما علمت (٣) ] أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله إنما أحرموا من المسجد؟. فقلت : إنّ أُولئك كانوا متمتّعين في أعناقهم الدماء ، وإنّ هؤلاء قطنوا مكّة فصاروا
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٥١ / ١٠ ، وسائل الشيعة ١٤ : ٢٩٩ ، أبواب العمرة ، ب ٢ ، ح ٢.
(٢) الكافي ٤ : ٢٥٢ / ١٣ ، وسائل الشيعة ١٤ : ٢٩٩ ، أبواب العمرة ، ب ٢ ، ح ٣.
(٣) من المصدر ، وفي المخطوط : ( أعلمت ).