ثمّ استدلّ أيضاً بيقين البراءة بالإحرام من الميقات دون الإحرام قبله ، وردّ على المخالفين في تجويزه ، ولم يستثنِ شيئاً. وتعليله مع عدم استثنائه شيئاً ظاهر في القول بعدم مشروعيّة الإحرام قبله مطلقاً ، حتّى لخائف فوت شهر رجب بالعمرة المفردة ، وظاهره أنه إجماع.
وقال ابن زهرة في ( الغنية ) : ( لا يجوز عقد الإحرام إلّا في موضع مخصوص ، وهو لمن حجّ على طريق المدينة : ذو الحليفة وهو مسجد الشجرة ، ولمن حجّ على طريق الشام : الجحفة ، وعلى طريق العراق : بطن العقيق ، وأوّله المسلخ ، وأوسطه غمرة ، وآخره ذات عرق ، ولمن حجّ على طريق اليمن : يلملم ، ولمن حجّ على طريق الطائف : قرن المنازل.
وقلنا ذلك ؛ للإجماع ، وطريقة الاحتياط ، واليقين لبراءة الذمّة. وأيضاً فإن النبيّ صلىاللهعليهوآله وقّت هذه المواقيت ، وإذا كان معنى الميقات في الشرع ما يتعيّن للفعل ، فلا يجوز تقديمه عليه ، كمواقيت الصلاة. فكان تجويز من جوّز تقديم الإحرام على الميقات مبطلاً لهذا الاسم ) (١) ، انتهى.
ولم يستثنِ شيئاً ، فظاهره عدم مشروعيّة الإحرام قبل الميقات مطلقاً ، وأنه إجماع. وإنما بحثه مع العامّة في تجويز ذلك.
وقال العلّامة في ( نهج الحقّ ) : ( ذهبت الإماميّة إلى أنه لا يجوز الإحرام قبل الميقات ) (٢).
ثمّ نقل أن أبا حنيفة والشافعي أجازاه ، وردّ عليهما بأن النبيّ صلىاللهعليهوآله أحرم من الميقات ، وقال خذوا عنّي مناسككم (٣) ، ولم يستثنِ شيئاً. وظاهره أن الإحرام قبل الوقت غير مشروع مطلقاً ، وأنه إجماع.
وقال ابن البرّاج في مهذّبه : ( الأمكنة التي يجب الإحرام منها هي التي وقّتها
__________________
(١) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٨ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠.
(٢) نهج الحقّ : ٤٧١.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ٣ : ٣١٨.