وادّعى الكاشاني أيضاً في مفاتيحه أنه إجماع (١). وعن ( المعتبر ) أنه اتّفاق أصحابنا (٢).
وأنت خبير بأن ما سبق من عبارات العلماء المانعة من الإحرام قبل الميقات ظاهرها عموم المنع هنا أيضاً ، وبهذا مع كون هذه الأخبار موافقة لمذهب العامّة ـ يخدش دعوى الإجماع.
وبالجملة ، فالمسألة قويّة الإشكال. والاحتياط ويقين البراءة وأصالة استصحاب حال تحليل من أحرم قبل الوقت يقتضي عدم مشروعيّة هذا الإحرام ، وصحّة الرواية وعمل جماعة بها ودعوى الإجماع من بعضهم يقتضي مشروعيّته. وأنا في صحّته من المتوقّفين ، والاحتياط مطلوب ، وفوت الإحرام في رجب أهون من أن يُدخَلَ في الشرع ما لم يحصل يقين كونه منه ، فلا ينبغي التعرّض له ، والله العالم.
ولو كان في طريق قاصداً مكّة ممّن يجب عليه الإحرام محرمان ، ووصل لأوّلهما ، وجب الإحرام منه. لا نعلم فيه خلافاً إلّا ما ينسب لظاهر الجعفيّ من القول بجواز التأخير إلى الثاني كالمدنيّ يمرّ بالشجرة ولا يحرم إلّا من الجحفة. ولو لا الشهرة الأكيدة في كلّ زمان على وجوب الإحرام من الأوّل التي يشمّ منها عطر الإجماع لكان القول به متّجهاً.
ولو عصى وأخّر الإحرام لثانيهما فأحرم منه أجزأه وأثم ، ولا يجب عليه الرجوع إلى الأوّل بعد الوصول للثاني ، وإنما يجب قبل الوصول إليه على الأقوى ، وبه صرّح جماعة من أكابر العصابة ؛ لصدق مروره على المحرم ، فهو بمروره عليه محرم له. وهل يجوز العدول عن طريق الأوّل إلى طريق لا يفضي به إلّا إلى الثاني اختياراً؟ الظاهر ذلك كما صرّح به جمع من الأفاضل ، كالذي يخرج من المدينة فإنه يجوز له سلوك أي طريق شاء ولو لم يُفضِ به إلى عين الوقت ، كما يرشد له اتّفاقهم على أن من أخذ طريقاً لا يفضي به إلى ميقات أحرم من محاذاة أقرب المواقيت إلى طريقه أو إلى مكّة. ومن لم يحاذِ ميقاتاً كالذي يأتي من الغرب عن مكّة على البحر
__________________
(١) مفاتيح الشرائع ١ : ٣١١.
(٢) المعتبر ٢ : ٨٠٦.