نعم ، اتّفقت كلمتهم بحسب ما ظهر على اشتراط كون ما يحرم فيه ممّا تصحّ فيه صلاته ، وإنما اختلفوا في الحرير للمرأة ، ويدلّ عليه من الأخبار ، ما رواه الكليني في الصحيح عن حمّاد (١) ، وابن بابويه في الصحيح عن حمّاد عن حَرِيز عن أبي عبد الله عليهالسلام قال كلّ ثوب يصلّي فيه فلا بأس أن يحرم فيه (٢).
ورواه الشيخ (٣) عن الكليني بسنده المذكور.
فتلخّص من البحث أن النصّ والإجماع إنما دلّا على وجوب كون ثوبي المحرم من سنخ ما تصحّ فيه صلاته ذاتاً وصفة ، ولا ريب أنه تصحّ صلاة الرجل في إزار ساتر لعورته ولو بكونه مثنّيا اتّصل أو انفصل ، ورداء ولو شفّ ووصف. فلا شبهة في جواز الإحرام فيما هو كذلك.
ويعضد ما قلناه ما ثبت بالإجماع والنصّ من جواز اتّزار المحرم وارتدائه بأكثر من قطعتين اختياراً ولاتّقاء الحر والبرد (٤). فلأن يتّقي بهما كشف العورة أوْلى. فربّما دلّ إطلاقه على جواز الاستتار بتكريره.
بقي الكلام في جواز إحرام المرأة في الحرير ولبسها إيّاه محرمة. فنقول : لأصحابنا فيه قولان :
أحدهما : يجوز على كراهية ، وهو الحقّ ، ويدلّ عليه الأصل ، واستصحاب حالها قبل الإحرام ، وأنه يجوز لها الصلاة فيه ، فيجوز لها الإحرام فيه ، بنصّ الخبر السابق الذي هو الأصل فيما اشتهر من أن كلّ ما تصحّ صلاة المحرم فيه يصحّ إحرامه فيه.
وصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليهالسلام : قلت له : المرأة تلبس القميص تزرّه عليها ، وتلبس الحرير والخزّ (٥) والديباج؟ فقال نعم ، لا بأس به ، وتلبس الخلخالين
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٣٩ / ٣.
(٢) الفقيه ٢ : ٢١٥ / ٩٧٦.
(٣) تهذيب الأحكام ٥ : ٦٦ / ٢١٢ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٩ ، أبواب الإحرام ، ب ٢٧ ، ح ١.
(٤) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٦٢ ، أبواب الإحرام ، ب ٣٠.
(٥) الخزّ : ثياب تنسج من صوف وإبريسم. لسان العرب ٤ : ٨١ خزز.