ونقل في ( المدارك ) عن ابن إدريس أنه قال : ( الذي تقتضيه الأدلّة ، أنها إذا جاءها الحيض قبل جميع الطواف فلا متعة لها ، وإنما ورد بما قال شيخنا أبو جعفر (١) خبران مرسلان (٢) فعمل عليهما ، وقد بيّنا أنه لا يعمل بأخبار الآحاد وإن كانت مسندة ، فكيف بالمراسيل؟ ) (٣).
قال في ( المدارك ) : ( وهذا القول لا يخلو من قوّة ؛ لامتناع إتمام العُمرة المقتضي لعدم وقوع التحلّل. ويشهد له صحيحة محمّد بن إسماعيل ، حيث قال فيها : سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن المرأة تدخل مكّة متمتّعة فتحيض قبل أن تحلّ ، متى تذهب متعتها؟ ) (٤) الحديث (٥) ، انتهى.
قلت : وقريب منها صحيحة الحلبيّ المتقدّمة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، حيث قال فيها ليس على النساء حلق وعليهنّ التقصير ، ثمّ يهللن بالحجّ يوم التروية فكانت عمرة وحجّة ، فإنْ اعتللن كنّ على حجّهن ولم يضررن بحجّهن (٦).
فإن إطلاقها شامل لمحلّ النزاع.
وصحيحة ابن عمّار المتقدّمة : سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن المرأة تجيء متمتّعة ، فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتّى تخرج إلى عرفات ، فقال تصير حجّة مفردة (٧) لأن إطلاق قبليّة الطواف يشمل محلّ النزاع ؛ لأن لفظ الطواف ينصرف إلى الكامل وهو السبعة. ويؤيّده أيضاً أن الطواف عبادة واحدة ، فجواز تفريقها يحتاج إلى دليل ، والأرجح المشهور.
والجواب : المنع من اقتضاء الأدلّة لما قاله ابن إدريس ، فإنك إذا تتبّعت الأدلّة
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٣١.
(٢) تهذيب الأحكام ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧٠ ـ ١٣٧١ ، الإستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١١ ١١١٢ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٤٥٦ ، أبواب الطواف ، ب ٨٦ ، ح ١ ، ٢.
(٣) السرائر ١ : ٦٢٣.
(٤) مدارك الأحكام ٧ : ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٥) تهذيب الأحكام ٥ : ٣٩١ / ١٣٦٦ ، الإستبصار ٢ : ٣١١ / ١١٠٧ ، وسائل الشيعة ١١ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، أبواب أقسام الحجّ ، ب ٢١ ، ح ١٤.
(٦) تهذيب الأحكام ٥ : ٣٩٠ / ١٣٦٤.
(٧) الفقيه ٢ : ٢٤٠ / ١١٤٧.