ولو ذكره في وقت لا يسع الإتيان إلّا بأربعة أشواط مع باقي مناسكها ، فالاحتمالان أيضاً أوْلى بالصحّة. ولعلّ الأوّل هنا أرجح ؛ لما ثبت من صحّته كذلك فيمن فجأها الحيض بعد إكمالها أربعة وغيرها.
ولو ذكره في وقت لا يسع الإتيان بشيء منه أصلاً ، فالوجهان ، وأوْلى بوجوب العدول إلى حجّ الإفراد. والأمر في هذه الفروع مشكل ، وأشكل منها كلّها ما لو لم يذكره إلّا بعد أن تلبّس بالحجّ أو في أثنائه أو بعد كماله.
فإن العصابة قد أجمعوا على عدم جواز إدخال نُسُك على نُسُك قبل إكماله ، وأن الثاني حينئذٍ باطل. وإنما اختلفوا فيمن أحرم بالحجّ ناسياً قبل أن يُقَصّر من عمرة التمتّع ، فقال ابن إدريس (١) ببطلان إحرامه بالحجّ حينئذٍ. ولو لا النصّ (٢) على الصحّة حينئذٍ لكان قوله هو الأقوى ؛ لأنه أوفق بقواعد الحجّ ، ومن إطلاق الفتاوى بصحّة النُّسُك مع تركه نسياناً ، وأنه متى ذكره قضاه. وظاهر صحيحة عليّ بن جعفر ذلك (٣). ولكن عبارات بعض الأصحاب مجملة جدّاً.
قال المحقّق في ( الشرائع ) : ( الطواف ركن ، من تركه عامداً بطل حجّه ، ومن تركه ناسياً قضاه ولو بعد المناسك ، ولو تعذّر العود استناب فيه ) (٤). وإطلاق العبارة كما قال في ( المدارك ) (٥) يشمل طواف الحجّ بأنواعه ، والعُمرة بنوعيها ، وطواف الفريضة وطواف النساء.
وكتب السيّد في ( المدارك ) على قوله : ( ومن تركه ناسياً ) إلى آخره : ( هذا مذهب الأصحاب لا اعلم فيه مخالفاً ) (٦). بعد أن كتب بعد قوله : ( الطواف ركن ) إلى آخره : ( إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين طواف الحجّ وطواف العُمرة وطواف
__________________
(١) السرائر ١ : ٥٨٠ ـ ٥٨١.
(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٤١٠ ـ ٤١١ ، أبواب الإحرام ، ب ٥٤.
(٣) تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٨ / ٤٢١ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، أبواب الطواف ، ب ٥٨ ، ح ١.
(٤) شرائع الإسلام ١ : ٢٤٥.
(٥) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٢.
(٦) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٥.