النساء ) (١). ثمّ نقل عن ( المسالك ) (٢) أن المراد به غير طواف النساء.
وظاهرهما أن الحكمين شاملان لطواف الحجّ والعمرتين ، وهو مشكل ؛ لأنا سنبيّن إن شاء الله تعالى أنه لا يتحقّق ترك الطواف المبطل في المفردة الغير المجامعة للحجّ. وعلى تقديره ، أو كونها المجامعة له ، فأي مناسك يقضي بعدها؟ وكذلك في طواف الحجّ ، ما معنى قضائه مع النسيان بعد المناسك؟ وإرادة السعي ورمي الجمار وطواف النساء بعيد مخالف للأصل ؛ من دلالة موضوع الجمع المعرّف باللام.
والظاهر أن مراده بقوله : ( الطواف ركن من تركه عامداً بطل حجّه ) ما يعمّ طواف الحجّ وعمرة التمتّع ، والمفردة المجامعة لحجّ الإسلام. ويبقى الإشكال في المفردة غيرها ، ولعلّه يرى تحقّق ترك طوافها المبطل بوجه من الوجوه الآتية إن شاء الله تعالى ، فيعمّ طوافها.
ويبقى الإشكال في قوله : ( ومن تركه ناسياً قضاه ولو بعد المناسك ) ، فإن ظاهر العبارة عود المفعول في ( تركه ) للطواف المذكور أوّلاً ، الذي من تركه عامداً بطل حجّه.
ولكنّه يشكل بقوله بعد هذا : ( ومن ترك طواف الزيارة ناسياً ) (٣) إلى آخره. فإنه يعطي بظاهره أن المراد هنا بالمنسيّ طواف العُمرة دون الحجّ ، بل الأنسب بقوله : ( ولو بعد المناسك ) إرادة طواف المتمتّع بها خاصّة ، حتّى يراد بالمناسك : مناسك الحجّ ، ولكن يحتاج في صحّة العبارة إلى تكلّف وتجوّز.
وكتب الشيخ علي على قوله : ( ومن تركه ناسياً ) إلى آخره ـ : ( يلوح من هذه العبارة ونظائرها أن الترك يتصوّر بالإخلال به ولو قبل المناسك ، فينبغي تأمّل ذلك ) ، انتهى.
وهذا لا يظهر له وجه صحيح إلّا إذا أُريد به طواف المتمتّع بها خاصّة ، والمناسك :
__________________
(١) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٢.
(٢) مسالك الأفهام ٢ : ٣٤٨.
(٣) شرائع الإسلام ١ : ٢٤٥ ، وفيه : ( من نسي طواف الزيارة ) بدل : ( ومن ترك طواف الزيارة ناسياً ).