طواف حجّ التمتّع الواقع بعد كمال عمرته ، والعُمرة المفردة الغير المجامعة للحجّ أو المجامعة له الواقعة بعد كمال حجّ القرآن ، أو الإفراد الصحيح دون عمرة التمتّع ودون حجّ القرآن ، أو الإفراد الذي يجب معه في عامه عمرة مفردة بعده ، والقرينة ما ذكرناه.
هذا مع أن الشيخ في التهذيبين (١) حملها على ناسي طواف النساء ، فصرفها عن ظاهرها ، وكذا الشيخ حسين في ( شرح المفاتيح ). والمشهور خصّصوها بما إذا تعذّر العود في جواز الاستنابة فصرفوها أيضاً عن ظاهرها ، وهي بدون هذا كلّه لا تقوى على معارضة تلك الأُصول المجمع عليها ممّا ذكرنا. فلم يبقَ في المسألة فيما ظهر إلّا فساد العُمرة والحجّ فيما لو نسي طواف المتمتّع بها ولم يذكر حتّى تلبّس بأفعال الحجّ.
ولم أقف على من تنبّه لهذا الإشكال والداء العضال ، والله يهدي إلى صراط مستقيم ، وأسأله العفو عن العمد والخطأ ، وهو أرحم الراحمين.
هذا كلّه إذا كان المنسيّ كلّ الطواف أو أكثر من ثلاثة أشواط ، فلو كان المنسيّ ثلاثة أشواط فنازلاً احتمل صحّة نسكه ، ويأتي بالمنسيّ متى ذكره ، وعمرته وحجّه صحيحان ، ويقضي الفائت وإحلاله صحيح ؛ وذلك للأخبار الدالّة على أن المتمتّعة إذا طافت أربعة أشواط ، ثمّ اعتلّت ولم يسع الوقت أن تصبر إلى أن تطهّر ، تسعى وتقصّر وتحلّ وتحرم بالحجّ ، وتقضي ما بقي عليها من طواف عمرتها بعد الرجوع من مِنى. وعليه فتوى العصابة (٢).
فقد دلّ ذلك على تحقّق صحّة الإحلال حينئذٍ من العُمرة وإن بقي من الطواف شيء وتمام النُّسُكين. ولا يظهر فرق بين ضرورة عروض الحيض والنسيان ؛ فكلاهما عذر واقع بغير اختيار المكلّف بالنُّسُك.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٨ / ذيل الحديث ٤٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ذيل الحديث ٧٨٨.
(٢) منتهى المطلب ٢ : ٦٩٨.