والحاصل أنه دلّ على صحّة الإحلال والإحرام حينئذٍ للضرورة والتوسعة ورفع الحرج وإرادة اليسر ، والنسيان ضرورة ، فيدخل في رفع عن أُمّتي النسيان (١).
بل عذر النسيان أوْلى من عذر ضرورة المتعمّد. وقد صرّح جماعة بأن حكم نسيان أقلّ من أربعة أشواط حكم نسيان طواف النساء ، وفيه تأييد ، ويحتمل فساد الحجّ والعُمرة حينئذٍ كنسيان الكلّ ، وفي الأوّل قوّة.
وأمّا العُمرة المفردة ؛ فإن كانت هي المجامعة للحجّ ، فإن قلنا بوجوب الإتيان بها مع الحجّ في عام واحد ، كما هو الأقوى وعليه مشهور الفرقة ؛ ولدلالة بعض الأخبار عليه (٢) ، ولأن به يقين البراءة ، ولأنه الأحوط ؛ تحقّق تركه فيها بخروج ذي الحجّة ، فتبطل لو تركه فيها عمداً حتّى خرج الشهر ، بمعنى عدم كفاية ما أتى به من الأفعال غير الطواف إن أتى بها دونه ، وعدم إجزائها عن فرضه ، فتبقى ذمّته مشغولة بالنُّسُك إن وجب ، لا بمعنى أنه إذا ترك الطواف الركنيّ عمداً حتّى خرج وقتها ، أحلّ من إحرامه وحلّت له محرّمات الإحرام ، بل يجب عليه التحلّل بالإتيان بأفعال المفردة.
وهل يجزئه حجّه؟ وجهان : للأوّل قيام الدليل على عدم ارتباط المفردة بالحجّ ، والامتثال يقتضي الإجزاء ، وإن أثم بإبطال العُمرة وتأخيرها عن عام حجّها. فعلى هذا يجب الإتيان بها من قابل وحدها في شهر ذي الحجّة ؛ لأن المتلقى من الشارع فعلها أعني : عمرة الإسلام فيه ، ولم يثبت عنه الرخصة في الإتيان بها في غيره.
وهل يجوز له التحلّل حينئذٍ بالإتيان بأفعال المفردة واستئناف عمرة الإسلام من قابل ، أم يجب عليه البقاء على إحرامه حتّى يأتي بها من قابل؟ وجهان : أرجحهما الأوّل ؛ للعسر والمشقّة اللازمة للثاني.
وللثاني أن العبادات كيفيّات متلقّيات ، وهذا لم يأتِ بالكيفيّة المتلقّاة فلا يكون
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٢٣٢ / ١٣١ ، وسائل الشيعة ٤ : ٣٧٣ ، أبواب لباس المصلّي ، ب ١٢ ، ح ٦ ، ٧ ، ٨.
(٢) تهذيب الأحكام ٥ : ٤٥٤ ـ ٤٥٥ / ١٥٨٨ ، وسائل الشيعة ١١ : ٢١٣ ـ ٢١٧ ، أبواب أقسام الحجّ ، ب ٢ ، ح ٤.