الأُول ، فإن هذه عادة لها ثانية مستقرّة ، فكما أنها تعتدّ في العادة الاولى بأقرائها تعتدّ في حال العادة الثانية بأقرائها وإن طال زمانها على زمان الاولى. وهذا أقرب إلى لفظها ، وأوفق بالقواعد.
وأنت خبير أن ما أورده على عبارة الشيخ : غير وارد بعد تأمّل ما قرّرناه في تأويلها. أمّا كلام ابن إدريس : فالإشكال فيه من جهة عدم مناسبة شيء من المعنيين لعبارة الشيخ : بوجه أصلاً.
فإن قلت : قول ابن إدريس : ( وأمّا ما زاد على الثلاثة الأشهر ، وصارت لا ترى الدم إلّا بعد ثلاثة أشهر فإن هذه تعتدّ بالثلاثة الأشهر بغير خلاف ) (١) ، ظاهره قريب من كلام ( المسالك ) (٢) و ( كشف اللثام ) (٣) من اشتراط مرور ثلاثة أشهر بيض بها ، حتّى تخرج من العدّة.
قلت : إنما مراده أنها تعتدّ بالشهور ؛ لصدق سبق الثلاثة البيض على ثلاث حيض ، أي أن هذه من شأنها بمقتضى عادتها سبق ثلاثة بيض على ثلاثة حيض ، فتقييد ابن إدريس : بالبيض لعلّه أشار به إلى ذلك ، وقد عرفت تصريح ( كشف اللثام ) بهذا المعنى.
وممّا يدلّك على أن ابن إدريس : أراد ذلك استدلاله بالحديث الذي أورده : (أمران أيهما سبق بانت به (٤) ، وكان ذلك عدّة لها ) (٥) ، فإن ظاهره أنه متى كانت عادتها ومن شأنها أن تسبق لها ثلاثة بيض على ثلاث حيض ، كان حكمها الاعتداد بالشهور على كلّ حال ما دامت على تلك الحال. وإن سبقت ثلاث حِيَضٍ كانت عدّتها بالأقراء.
وقول ابن إدريس : بعد إيراد الخبر بلا فصل : ( وقد سبقت الثلاثة الأشهر
__________________
(١) السرائر ٢ : ٧٤٢.
(٢) مسالك الأفهام ٩ : ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٣) كشف اللثام ٢ : ١٣٦ ( حجريّ ).
(٤) الكافي ٦ : ٩٨ / ١ ، تهذيب الأحكام ٨ : ١١٨ / ٤٠٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٢٤ / ١١٥٤ ، وسائل الشيعة ٢٢ : ١٨٥ ، أبواب العدد ، ب ٤ ، ح ٥.
(٥) السرائر ٢ : ٧٤٢.