قائل بوجوب التكبير وكونه جزءاً من الصلاة ، كما ذكره في ( المختلف ) (١) و ( المناهج ) وغيرهما.
والجواب : أن المرتضى إن أراد بهذا دعوى الإجماع فهو إجماع منقول ، وهو حجّة ولا اعتراض عليه ولا ينافي عدم ظهوره لغيره ، وإن أراد شيئاً آخر لم يرد عليه منع الإجماع ، وقد تقدّم أنه يمكن أن يريد أن كلّ دليل دلّ على وجوب التكبير دلّ على وجوب التسليم ، فإن المُدْخِلَ كالمُخْرِجِ في صفة الجزئيّة والوجوب أو الندب ، والإجماع من النصّ (٢) والفتوى (٣) قائم على وجوب التكبير ، فيدلّ على وجوب التسليم وإن كان هذا التوجيه بعيد من ظاهر العبارة ، على أن الدلالة لم تنحصر في هذا الدليل.
وأجابوا عن الاستدلال بمواظبة النبيّ صلىاللهعليهوآله : ونوّابه والصحابة عليه ، بأن المواظبة على فعل لا تدلّ على وجوبه ، فإن النبيّ : وخلفاءَهُ صلّى الله عليه وعليهم وكثيراً من الصحابة كانوا يواظبون على المندوبات كمواظبتهم على الواجبات.
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآله صلّوا كما رأيتموني أُصلّي (٤) فنحن نقول بموجبه ، ولا يدلّ على وجوب التسليم إلّا بعد أن يتبيّن أنه جزء من الصلاة ، وهو أوّل المسألة.
وقال فاضل ( المناهج ): ( وهو مندفع بأن العبادات وهيئاتها لا شبهة في أنها لا تصحّ إلّا على الوجه الذي تُيُقّنَ إجزاؤهُ من جهة الشرع ، فإذا واظب النبيّ صلىاللهعليهوآله : على هيئة العبادة بحيث لم يرد ولم ينقل أنه فعلها على هيئة أُخرى تعيّن فعلُها على تلك الهيئة إلى أن يتحقّق برهان قاطع على جواز غيرها من إجماع أو نصّ ، وإذا واظب على شيء في عبادة ولم يفعله أبداً على وجه يشعر بانفصاله عنها لزم القول بجزئيّته لها إلى أن يقوم دليل على خلافها.
ومن الظاهر أنه صلىاللهعليهوآله وكذا الأئمّة صلوات الله عليهم والصحابة كلّهم كانوا
__________________
(١) المختلف ٢ : ١٩٣ / المسألة : ١٠٩.
(٢) انظر وسائل الشيعة ٦ : ٩ ـ ١٦ ، أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح ، ب ١ ب ٣.
(٣) الناصريّات : ٢١١ / المسألة : ٨٢.
(٤) عوالي اللآلي ١ : ١٩٧ ـ ١٩٨ / ٨ ، مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٥٣.