والأخبار بمثل هذا المضمون لا تكاد تحصى ، وكلّها حقيقة وإن لم تكن حقيقة لغويّة ، لكنّها حقيقة حقيقيّة عقليّة وجوديّة شرعيّة. ولا منافاة بينها وبين المجاز اللغوي.
والجواب عن الإجماع على أن عيسى المسيح عليهالسلام : ابنُ آدم من ثلاثة طرق :
أحدها : أنه مجاز ، كالقول بأن جميع البشر ممّن مضى ومَنْ غبر بنو آدم بالإجماع والنصّ (١). ولكنّ الإجماع على الاستعمال لا يدفع القول بأنه مجاز ؛ لأنه أعمّ من الحقيقة.
بهذا يجاب عن خطاب الله تعالى لنا بـ ( يا بَنِي آدَمَ ) (٢) : وشيوع إطلاق ابن آدم على سائر البشر.
الثاني : المعارضة بالإجماع على أن عيسى عليهالسلام ليس له أب. ومنه يظهر أن إطلاق ابن آدم : عليه مجاز ، فلا منافاة بين الإجماعين على هذا.
أمّا لو قلنا بأنه حقيقة تصادم الإجماعان المحقّقان على مرّ الأزمان ، وتحقّقُ إجماعين متناقضين في عصر واحد ظاهرُ الاستحالة ؛ لما يلزمه من اجتماع النقيضين. فثبت أن إطلاق ابن آدم : عليه مجاز ، وبه يثبت أن إطلاق الولد على ولد الولد مجاز.
الثالث : أنك إذا تدبّرت أخبار الذرّ وأخذ الميثاق وجدت فيها ما يدلّ على أن عيسى عليهالسلام بعد أن أُخرج من ظهر آدم عليهالسلام وأُخذ عليه الميثاق لم يُردّ كغيره إلى صلب آدم ، وإلّا لجرى في الأصلاب. ولعلّ في تسمية الله له بعيسى بن مريم : إشارة إلى ذلك.
وبذلك يثبت أن إطلاق ابن آدم : عليه مجاز ، وهو يشهد بأن إطلاق الولد على ولد الولد مجاز ، بل يدلّ عليه ؛ لعدم الفارق بين عيسى عليهالسلام : وغيره.
وعن شمول الوقف والوصيّة لجميع الطبقات ، فيما لو وقف واقف على بني هاشم : مثلاً ، أو أوصى لهم ، بأن الوقوف والوصايا تتبع القصود فمن وقف أو أوصى لبني
__________________
(١) الأعراف : ٢٦ ، ٢٧ ، ٣١ ، ٣٥.
(٢) الأعراف : ٢٦ ، ٢٧ ، ٣١ ، ٣٥.