من عبارات الأفاضل ، إلّا أن يجبر على فعل وحركة وقول يشبه صورة العبادة ، بحيث يكون حينئذٍ مسلوب الاختيار والقصد لفرط الخوف ، فتلك ليست برياء ولا عبادة أصلاً ، فلا عقاب عليه فيها ، ولا ثواب عبادة وإن أُثيب على ظلمهم له ، وقهرهم وإخافتهم له.
والظاهر أنها لا تجزيه عن فرضه ولا نفله ؛ إذ لم يتحقّق له حينئذٍ قصد ولا مشيئة ولا إرادة ، فلا نيّة عبادة له حينئذٍ ، ولا يتحقّق عمل بلا نيّة ، بل هو حينئذٍ يشبه القدوم في يد النجار.
وأمّا دفع الضرر اللازم لفعل التقيّة والعلم به فلا يقدح في صحّة قصد الإخلاص في التقرّب إلى الله وامتثال أمره ، فإنه من جملة ثواب العبادة. بل الظاهر أنه لو قصد العامل بالتقيّة في عمله بها أن الله أحبّ منّي أن أستدفع ضرر هؤلاء بهذا العمل وأمرني أن أستدفعه به ، فامتثلت وأحببت ما أحبّه منّي أن أفعله ، صحّت عبادته ؛ لأنه حينئذٍ كالدعاء والصلاة للشفاء ، أو دفع البلاء ، وردّ كيد الأعداء والحفظ ، فالعامل به يقصد قبوله نعمة الله وشكره والتوصّل إلى استفاضة جوده ونيل رحمته ومحبّته بما أمرني وأحبّ منّي السلوك إلى بابه الأعظم به ، غير منافٍ للقربة والإخلاص.
وممّا يؤنسك بما قرّرناه في عبادة المتّقي ما قاله البهائيّ : في شرح الأربعين ، حيث قال : ( لا بدّ في النيّة من القصد إلى إيقاع الفعل ، فمن تصوّر الفعل من دون قصد إلى إيقاعه فهو غير ناوٍ حقيقة ، وقد يطلق على هذا التصوّر اسم النيّة كما قال الفقهاء. ولو نوى المتوضّئ رفع حدث والواقع غيره ؛ فإن كان غلطاً صحّ ، وإن كان عمداً بطل ؛ لأنه في صورة الغلط قاصد إلى رفع حدث في الجملة ، وأمّا في صورة العمد فلم يحصل منه قصد إلى رفع شيء ، وإنما تصوّر رفع غير الواقع ، فيبطل وضوؤه على الأصحّ ؛ لأنه غير ناوٍ في الحقيقة ، بل هو لاعب.
قال العلّامة : في بحث نيّة الوضوء من ( نهاية الإحكام ) : ( لا يجب التعرّض لنفي