في الفعل لم يضرّ ، وإن كان الباعث الأصليّ هو التبرّد فلمّا أراده ضمّ القربة لم يجز. وكذا إذا كان الباعث مجموع الأمرين ؛ لأنه لا أولويّة حينئذٍ ، فتدافعا فتساقطا ، فكأنه غير ناوٍ. ومن هذا الباب ضمّ نيّة الحمية إلى القربة في الصوم ، وضمّ ملازمة الغريم إلى القربة في الطواف والسعي والوقوف بالمشعرين.
الثالث : ما ليس بمنافٍ ولا لازم ، كضمّ إرادة دخول السوق مع نيّة التقرّب في الطهارة ، أو إرادة الأكل. ولم يرد بذلك الكون على طهارة في هذه الأشياء ، فإنه لو أراد الكون على طهارة كان مؤكّداً وغير منافٍ. وهذه الأشياء وإن لم يستحبّ لها الطهارة بخصوصها إلّا إنها داخلة فيما يستحبّ بعمومه. وفي هذه الضميمة وجهان مرتّبان على القسم الثاني ، وأوْلى بالبطلان ؛ لأن ذلك تشاغل عمّا يحتاج إليه بما لا يحتاج إليه ) (١) ، انتهى كلامه في قواعده ، زيد إكرامه.
وأقول : أمّا الرياء فالإجماع والنصّ بلا معارض على بطلان العبادة بضمّه إلى نيّتها ، بل لا يكاد تتحقّق عبادة لله مع مخالطة نيّة العامل بالرياء ؛ لأنه لا يُعبد إلّا بما خلص لوجهه الكريم. ( وَلِلّهِ ) لا لغيره على العموم الشامل ( يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ) (٢) على بعض الوجوه. فقد دلّت الآية على بعض الوجوه على أنه لا يتحقّق سجود لله ولو كرها إلّا ما اختصّ به.
وما حكاه عن ظاهر عبارة المرتضى : غير مخلّ بتحقّق الإجماع ، ولا معارض للبرهان المتضاعف عقلاً ونقلاً. ولعلّه سهوٌ ، أو أراد غير ما ظهر من عبارته.
وأمّا قصد التبرّد أو التسخين أو التنظيف بالغسل أو الوضوء مثلاً ، فلا شبهة في أنه ممانع للإخلاص ، بل منافٍ له ، فلا تصحّ مع قصده العبادة مطلقاً ، سواء كان مقصوداً بالأصالة أو بالتبعيّة ؛ لعدم تحقّق العبادة التوحيديّة بالضرورة ولكلّ امرئ ما نوى (٣).
وليست هذه العبادة مختصّة بالله ، بل لنفس العامل منها قسط باعث على
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ٧٨ ـ ٨٠ / القاعدة الأُولى ، الفائدة الثالثة.
(٢) الرعد : ١٥.
(٣) الأمالي ( الطوسيّ ) : ٦١٨ / ١٢٧٤.