العمل.
نعم ، لا يضرّ بالإخلاص العلم بترتّب ذلك الأثر على هذه العبادة ولزومه لها ؛ لأنه لا يستلزم قصده في نيّة العبادة لله ، وإلّا للزم قصد جميع لوازم العمل الزمانيّة والمكانيّة وغيرهما ، والوجدان على خلاف ذلك ، ويجري هذا المجرى جميع ما شابهه من الضمائم كقصد الحمية بالصوم ، والرياضة البدنيّة به وبالصلاة ، وكذلك قصد التجارة والتكسّب والفرار من زيد مثلاً بالحجّ ، وما في معناه فإنه منافٍ للإخلاص كقصد الحِمية والتبرّد والرياضة ؛ لعدم الفارق ذاتاً وعرضاً.
وأمّا ضمّ مثل الأكل ودخول السوق وشبههما ممّا ليس له علاقة بالعبادة المنويّة كأن يقصد : إني أتطهّر أو أُصلّي لأتغذّى. فإن كان تلك العبادة دلّ الشارع على أن الله عزّ اسمه أحبّ من المكلّف الفاعل لها أن يقدّمها أمام الفعل المضموم معها ، كالصلاة للسفر صحّت العبادة لصحّة الإخلاص والتقرّب ، وإلّا بطلت لعدم مشروعيّتها ؛ إذ لا يعبد الله إلّا من حيث يحبّ بمثل ما يأمر ويحبّ كيفيّةً وكميّةً. فلو نوى بالوضوء مثلاً الكون على الطهارة حتّى لا أدخل السوق إلّا متطهّراً صحّ. ولو نوى : إني أتطهّر لدخول السوق كان باطلاً ؛ لعدم مشروعيّته ؛ لأنه لم يظهر أن الله عزّ اسمه تعبّد عبيده بذلك. فإذن تكون حينئذٍ عبادة من حيث أحبّ العابد لا المعبود ، وهي باطلة قطعاً.
وقال المحقّق الثاني : في ( شرح القواعد ) : ( قوله : ( ولو ضمّ التبرّد صحّ على إشكال ) (١). أي لو ضمّه إلى نيّة الوضوء المعتبرة. ومنشأ الإشكال من منافاته للقربة والإخلاص ؛ إذ هو أمر خارج عن العبادة ، ومن أنه لازم لفعلها سواء (٢) نوى أم لا. والأصحّ الأوّل ؛ لأن لزومه لفعل الطهارة لا يقتضي جواز نيّته. ومثل التبرّد التسخّن وزوال الوسخ. قوله (٣) : ولو ضمّ الرياء بطل ، قولاً واحداً. وحكي عن المرتضى (٤)
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ١٠ ( حجريّ ).
(٢) في « م » : ( سوى ).
(٣) ليست في المصدر.
(٤) الانتصار : ١٠٠.