وقال الشيخ زين الدين : في ( تمهيد القواعد ) : ( إذا طلب الفعل الواجب من كلّ واحد بخصوصه ، أو من واحد معيّن كخصائص النبيّ صلىاللهعليهوآله : فهو فرض العين ، وإن كان المقصود من الوجوب إنما هو إيقاع الفعل مع قطع النظر عن الفاعل سمّي فرضاً على الكفاية ، ووجه التسمية بذلك أن فعل البعض فيه يكفي في سقوط الإثم عن الباقين مع كونه واجباً على الجميع ، بخلاف فرض العين فإنه يجب إيقاعه من كلّ عين ).
إلى أن قال بعد تعداد جملة من الكفائيّ المندوب والواجب ـ : ( إذا علمتَ ذلك فيتفرّع عليه فروع منها ).
إلى أن قال : ( ومنها : إذا صلّى على الجنازة واحد مكلّف كفى وإن كان أُنثى ).
إلى أن قال : ( ولو صلّى عليه أكثر من واحد دفعة ، أو متعاقبين بحيث شرع المتأخّر قبل فراغ الأوّل ، وقع الجميع فرضاً ؛ لأنه لم يسقط بالشروع سقوطاً مستقرّاً على الأقوى ، وحينئذٍ فينوي كلّ واحد الوجوب.
ولو صلّى المتأخّر بعد فراغ المتقدّم جماعة أو فرادى أو بالتفريق ، قيل : وقع الجميع فرضاً أيضاً كالسابق ؛ لأن الفرض متعلّق بالجميع ، وإنما سقط عن البعض بقيام البعض به تخفيفاً ؛ ولما فيه من ترغيب المصلّين ؛ لأن ثواب الفرض يزيد على ثواب النفل. وقيل : تكون المتأخّرة نفلاً ؛ لسقوط الفرض بالأُولى ، ولا معنًى للواجب إلّا ما يُؤثم بتركه ؛ إمّا مطلقاً ، أو بغير بدل ، ولا إثم هنا على الباقين ) (١) ، انتهى ملخّصاً.
وعلى مثل هذه العبارات كادت أن تتّفق كلمة أصحابنا في الكلام على بيان الواجب الكفائيّ. والظاهر من لفظ السقوط أن التكليف به يرتفع عن الباقين إذا قام به البعض ، وظاهر إطلاقهم السقوط يعمّ جميع أفراد الكفائيّ ، وخصوصاً عبارة ( شرح المفاتيح ) وعبارة ( القواعد ) فإنهما صريحتان في سقوط التكليف به عن الباقين إذا قام به بعض المخاطَبين به.
ومقتضى ظاهر هذا كلّه بدعيّة تكراره في جميع أفراده من غير فرق بين فرد منه
__________________
(١) تمهيد القواعد : ٤٨ ـ ٥٠.