وآخر ، ولا بين تكراره من فاعل بعينه واحد ، أو متعدّد على التعاقب.
وأنا أقول : ليس هذا الإطلاق بجيّد ؛ لانتقاض طرده بجملة من أفراده ، كردّ السلام ، والصلاة على الميّت ؛ فإنه لا يكاد ينكر مشروعيّة تكرارهما إذا تعدّد الفاعل أو كان إماماً ولو اتّحد.
والأخبار بهما غير عزيزة الوجود ، فقد كرّر النبيّ صلىاللهعليهوآله : الصلاة على بعض الصحابة كما روي ، ويمكن أن يكون من هذا القبيل تكراره التكبير على حمزة رضى الله عنه (١).
وأمير المؤمنين عليهالسلام صلّى على سهل بن حنيف : خمس مرّات ، ممّا روي بعدّة طرق يعرفها مَنْ راجع كتب الرجال والاستدلال كـ ( الذكرى ) (٢) و ( المدارك ) (٣).
وتكرّرت الصلاة من الصحابة على رسول الله صلىاللهعليهوآله : بلا شكّ ، من غير إنكارٍ من وصيّه صلّى الله على محمّد وآله (٤).
وبهذا يثبت انتقاض كلّيّته ، ويثبت مناقضته بالصلاة على الجنازة.
ويُمكن أن يجاب عنه بأَنه لعلّه أراد نفي مشروع تكراره من فاعل واحد ، لأنه لمْ يقمْ على مشروعيّته حينئذٍ دليل عنده إلّا في إمام الجماعة ؛ لثبوته بالدليل.
والتكليف خصوصاً في العبادات يحتاج ثبوت مشروعيّته إلى دليل قاطع ، فإن الله عزّ اسمه لا يُعبد إلّا من حيث يُحِبّ ، ومشروعيّة تكرار الصلاة على الميّت إذا تعدّد المصلّي جماعة أو فرادى لا يكاد يظهر فيه خلاف بين العصابة ، وإنما اختلفوا في كراهية التكرار وعدمه ، فتعيّن أنه أراد عدم الحكمة والمشروعيّة في تكراره من الفاعل الواحد غير ما ثبت بالدليل في إمام الجماعة.
على أن تعليله بحصول ظنّ الإجابة وهو يحصل بفعلها مرّة ، ضعيف ، فإنه لا ريب في تأكّد الظنّ وهو مطلوب البتّة ؛ لأن مطلوبيّته أوْلى من مطلوبيّة مطلقة ، مع
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٨٦ / ١ ـ ٣ ، ٢١١ / ٢ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٤٥ / ١٦٧ ، وسائل الشيعة ٣ : ٨١ ـ ٨٢ ، أبواب صلاة الجنازة ، ب ٦ ، ح ٥ ـ ٧.
(٢) الذكرى : ٥٥ ( حجريّ ).
(٣) مدارك الأحكام ٤ : ١٨٥.
(٤) الكافي ١ : ٤١٥ / ٣٧.