الفاعل المتعيّن عليه قطعاً ؛ للإجماع على وجوبه حينئذٍ عليه ، وعدم إرادته ظاهر من عبارته حيث قال : ( وتجب نيّة الوجوب حيث يتعيّن عليه ). ولمْ يقل : ينبغي. ولا يريد بـ ( ينبغي ) الندب ، وإلّا لكان هو القول بالتخيير ، ولو كان مراده لصرّح بالتخيير مع راجحيّة الوجوب ، فتفطّن. وسيأتي بيان ضعف القول بالتخيير إن شاء الله تعالى.
وقال في ( الذكرى ) : ( النظر الرابع : في الصلاة ، ومطالبه ثلاثة :
الأوّل : في واجبها ، وفيه مسائل :
الأُولى : تجب النيّة المشتملة على قصد الفعل على وجهه تقرّباً إلى الله تعالى ؛ لأنها عبادة وعمل ، فيدخل تحت ( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ ) (١) ، إنما الأعمال بالنيّات (٢) ، وعن الرضا عليهالسلام : لا عمل إلّا بنيّة (٣) ؛ ولأن الفعل إذا أمكن وقوعه على وجوه بعضها غير مراد للشارع ، لم يحصل الامتياز إلّا بالنيّة ، وإلّا للزم الترجيح من غير مرجّح ).
إلى أن قال : ( [ تفريع (٤) ] : لا يشترط التعرّض لكونها فرض كفاية ، بل يكفي [ مطلق (٥) ] الفرض ؛ لحصول الامتياز به. ويحتمله ؛ لأن النيّة لامتياز الشيء على ما هو عليه ) (٦) ، انتهى.
وإطلاقه يظهر منه أنها تنوي وجوباً مطلقاً ، ولا ينافيه قوله في ( الدروس ) : ( ومَنْ دفن بغير صلاة صُلّيَ على قبره يوماً وليلة ، وقيل : إلى ثلاثة أيّام. وكذا يستحبّ لمن فاته الصلاة عليه ولو أدركه قبل الدفن ، ولم يناف التعجيل ، فالأوْلى استحباب الصلاة
__________________
(١) البيِّنة : ٥.
(٢) الأمالي ( الطوسيّ ) : ٦١٨ / ١٢٧٤ ، عوالي اللآلي ٢ : ١٩٠ / ٧٩ ، وسائل الشيعة ١ : ٤٨ ـ ٤٩ ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب ٥ ، ح ١٠ ، مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٥ ، وفيه : « بالنيَّة ».
(٣) الكافي ٢ : ٨٤ / ١ ، الخصال ١ : ١٨ ، باب الواحد / ٦٢ ، الأمالي ( الطوسيّ ) : ٥٩٠ / ٢٢٣ ، وفيه : « بالنيَّة » ، عوالي اللآلي ٢ : ١٩٠ / ٨٠ ، وسائل الشيعة ١ : ٤٨ ، أبواب مقدِّمة العبادات ، ب ٥ ، ح ٩.
(٤) من المصدر ، وفي المخطوط : ( فرع ).
(٥) من المصدر ، وفي المخطوط : ( نيّة ).
(٦) الذكرى : ٥٨ ( حجريّ ).