وأيضاً فإنه إذا ثبت أن بيع الحاكم عن الممتنع عن أداء ما لزمه من الحقّ الماليّ ، وإخراجه الزكاة عن الممتنع عن إخراجها قهراً ، وأمثال ذلك كالحجّ الواجب عن الميّت إجماعاً ، وعن الحيّ العاجز لكبر وضعف على المشهور ، وغير ذلك وهو كثير ، يجزي فيه فعل الغير عن الغير ولو كان عبادة مع تباين الشخصين ، فَلأَن يجزي فعل ردّ السلام من واحد من الجماعة عنهم ، ويُسقط الإثم عن الباقين مع كونه حينئذٍ جزءاً من كلّ ، وبعضاً من جملة ، أوْلى مع ملاحظة انضمام سعة رحمة الله وبناء التكليف على التخفيف ، فتيقّظ فإن المقام دقيق.
وأيضاً ابتداء السلام مستحبّ كفائيّ لا نعلم فيه خلافاً ، فلو سلّم واحد من القوم أجزأ عنهم ، والأخبار دالّة عليه ، مع أنه لا يكاد أحد يشكّ في بقاء استحباب التسليم من كلّ واحد بلا منافاة بين السقوط بفعل الواحد ، وبين بقاء الاستحباب في نفسه لكلّ واحد كفاية. فكما أن تسليم واحد من القوم لا يغيّر ذات ابتدائه عن كونه مستحبّاً كفائيّاً لو سلّمَ غيره ولو غيّره عن ذلك لسقط التكليف به رأساً ، وهو ظاهر البطلان. ولا قائل بوجود قسم مباح في الابتداء كذلك لو ردّ واحد من القوم لم يخرج الردّ من غيره بعد عن حقيقته ، وتنقلب ذاتُه إلى الاستحباب بحكم المقابلة ، ولأن اتّصاف الأفعال والعبادات بأحد العناوين الخمسة ليس يدور ويتسبّب عن أفعالهم ، ولا عليها ، ووجوب الردّ على الإطلاق ثابت على الرادّ ، وكذا وجوب الصلاة على الجنازة ، بل الكفائيّ قام إجماع العصابة على وجوبه على كلّ مستجمع للشرائط. فانقلابه حينئذٍ إلى الاستحباب يحتاج إلى دليل قاطع ، وسقوط الإثم لا يستلزمه كما عرفت.
وأيضاً فالقول بأن الثاني مثلاً إذا صلّى وردّ السلام بعد كمال عمل الأوّل ينوي الندب في الحقيقة قول بسقوط التكليف عن الثاني بما كلّف به ، وعدم مشروعيّة تكراره مطلقاً ؛ فإن النفل قسم من مطلق التكليف يباين الواجب ، فالمنوي حينئذٍ غير الساقط ، فليس هو إعادة لما سقط ولا تكراراً له ، وإنما هو عمل مستقل وتكليف