آخر خارج عن الكفائي الواجب والمندوب فهو مستحب عينيّ. فهذا القول مستلزم لعدم مشروعيّة إعادة العمل الواجب الكفائي مطلقاً ؛ فهذا التكليف يحتاج في تحقّق مشروعيّته إلى دليل ، ولا دليل.
واستدل الشهيد الثاني لهذا القول بأن الغرض متعلق بالجميع ؛ وإنما سقط عن البعض ؛ تخفيفاً ، ولما فيه من ترغيب المصلّين ؛ لأن ثواب الفرض يزيد على ثواب النفل ) ، انتهى.
ودليله الأوّل عرفت وجهه ، والثاني كما ترى ، ونحن في غنًى عنه.
والقول الثاني : هو الاستحباب كما نقله في ( التمهيد ) (١) ، ولا تتوهّم أن السيّد : في ( المدارك ) ذهب إليه ، حيث قال رحمهالله في شرح قول المحقّق : ( وتكره الصلاة على الجنازة الواحدة مرّتين ) (٢) ـ : ( اختلف الأصحاب في هذه المسألة ، فقال العلّامة : في ( المختلف ) (٣) : ( المشهور كراهة تكرار الصلاة على الميّت ) ، وقيّد ابن إدريس (٤) الكراهة بالصلاة جماعة لتكرار الصحابة الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله : فرادى ، وقال الشيخ : في ( الخلاف ) : ( مَنْ صلّى على جنازة يُكره له أن يصلّي عليها ثانياً ) (٥) ، وهو يُشِعرُ باختصاص الكراهة بالمصلّي المتّحد ، وربّما ظهر من كلامه في ( الاستبصار ) (٦) استحباب التكرار من المصلّي الواحد وغيره.
والأخبار الواردة في هذه المسألة مختلفة ، فورد في بعضها الأمر بالصلاة لمَنْ لم يُصلّ ، كموثّقة عمّار الساباطي : عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال الميّت يُصلّى عليه ما لم يُوارَ بالتراب وإنْ كان قد صلّي عليه (٧) ، وموثّقة يونس بن يعقوب : عن أبي عبد الله عليهالسلام :
__________________
(١) تمهيد القواعد : ٥٠.
(٢) شرائع الإسلام ١ : ٩٧.
(٣) مختلف الشيعة ٢ : ٣٠٩ ـ ٣١٠ / المسألة : ١٩٤.
(٤) السرائر : ٣٦٠.
(٥) الخلاف ١ : ٧٢٦ / المسألة : ٥٤٨.
(٦) الاستبصار ١ : ٤٨٥ / ذيل الحديث ١٨٧٨.
(٧) تهذيب الأحكام ٣ : ٣٣٤ / ١٠٤٥ ، الإستبصار ١ : ٤٨٤ / ١٨٧٤ ، وسائل الشيعة ٣ : ٨٦ ، أبواب صلاة الجنازة ، ب ٦ ، ح ١٩.