صحّة النيّة وخلوصها لله ، ومطابقتها للشرع ، وذلك غير ممكن إلّا للمعصوم ، أو مَنْ أخبره المعصوم.
وإن أراد القطع العادي الحاصل بالقرائن القويّة المثمرة له ، فهو فردٌ ممّا ذكرناه من الظنّ ، وحينئذٍ لا حاجة إلى ذكر الظنّ الحاصل بشهادة العدلين ويجعله قسيماً للقطع ، فإنه قسم من الظنّ المعتبر ، وعلى هذا يرتفع الخلاف ويوافق قوله المشهور.
قوله : ( لكنْ إذا حصل هذا الظنّ للجميع ولم يَقُم به أحد ) أي ظنّ كلّ طائفة قيام غيرها به ، ( فهل يسقط الوجوب أم لا؟ فيه ) أي في سقوطه عن الجميع ( نظر ؛ إذ يلزم منه ) أي من سقوطه عن الجميع ( ارتفاع الوجوب ) أي ارتفاع التكليف الوجوبي بهذه العبارة عن جميع المكلّفين بها ( قبل أدائه من غير نسخ ) لهذا الحكم والتكليف.
( ويدفعه ) أي لزوم ما ذكر ( أن سقوط الوجوب قد يكون بغير النسخ ، كانتفاء علّته ، مثل إحراق الميّت الرافع لوجوب الغسل ) أي والتكفين والصلاة والدفن لو كان رماداً أو أعفته الرياح.
ولعلّه أراد بالعلّة مطلق السبب ، بما يشمل المحلّ والموضوع ، ولو قال : لتعذّره بذهاب محلّه وشبهه ، لكان أوضح.
ثمّ أقول : لو ظنّ الظنّ المعتبر كلّ فريق قيام الآخر به ، وفي الواقع لم يقمْ به أحد منهم ، فإن لم ينكشف ذلك لأحد منهم فلا ريب في سقوطه عن الكلّ ؛ لوجود المُسقِط ، ولا تكليف إلّا بعد البيان ، وهذا ممّا لا يعلمون ، ومثل هذا وشبهه عنى صلىاللهعليهوآله بقوله رُفِعَ عن أُمّتي تسعة : الخطأ والنسيان وما اكرهوا عليه وما لا يعلمون .. (١).
وأيضاً هؤلاء حينئذٍ أخذوا بالرخصة وانتهوا إليها ، والله يُحبّ أن يُؤخذ برخصته كما يُحبّ أن يُؤخذ بعزائمه. وإن انكشف ذلك لكلّهم أو بعضهم فقد انكشف لمن علم به فساد ظنّه أنه باقٍ في عهدة التكليف إن كان التدارك ممكناً حينئذٍ فيجب عليه المبادرة للعمل ، وإلّا فالسقوط عنه باقٍ ؛ إذ لا يكلّف الله نفساً إلّا وسعها.
__________________
(١) الخصال ٢ : ٤١٧ ، باب التسعة / ٩ ، وسائل الشيعة ٤ : ٣٧٣ ، أبواب لباس المصلِّي ، ب ١٣ ، ح ٦ ، ٨.