قوله : ( وحيث اشترطنا القطع أو الظنّ الشرعيّ ).
الأوْلى أن يقول : وحيث اشترطنا العلم القطعيّ أو الشرعيّ ، فإن الظنّ الحاصل من شهادة العدلين علم شرعيّ ؛ لأن الشارع أقامه مقام العلم القطعيّ ، ولذا أحلّ به الدماء والفروج والأموال وحقنها به ، وأوجب به الصوم والإفطار والحجّ والحدود والتعزيرات .. وغير ذلك. فيكون علماً وإن احتمل النقيض بحسب الإمكان العامّ رحمةً من الله وتسهيلاً لسبيل التكليف.
ثمّ نقول : القطع بمعنى اليقين الرافع للنقيض غير ممكن كما عرفت ، والظنّ الشرعيّ إن أراد به كلّ ما يحصل به الظنّ القويّ الراجح ، فهو ما قلناه ، فلا خلاف منه ، وأمثاله ممّن عبّر بمثل هذه العبارة (١).
وإن أراد خصوص الظنّ الحاصل بشهادة العدلين منعناه ؛ لما يؤول إليه من التكليف بما لا يطاق. وكثير من القرائن يفيد ظنّاً أقوى من الظنّ الحاصل بشهادة العدلين ، كمشاهدتهما يعملان ، بل مشاهدة العدل الواحد ، وكالشياع ، وكالوثوق بعادة المؤمنين العالمين بوجوب العمل ، وخصوصاً إذا خالطهم العدول ، وما أشبه ذلك.
قوله : ( فلو أخبَرَنا واحد ) أي وإن كان عدلاً ( بوقوع الصلاة على الميّت ، لم يسقط عنّا ، أي لعدم حصول سبب السقوط ؛ لعدم حصول الظنّ الشرعيّ ) الذي هو المُسْقِط ( بذلك ) أي بوقوع العمل في الخارج.
قوله : ( أمّا لو صلّى عليه واحد مكلّف ، فهل يسقط الوجوب بذلك عنّا مطلقاً ولو كان أُنثى ، أو يشترط فيه العدالة؟ إشكال ، ينشأ من عدم قبول خبر الفاسق لو أخبر بإيقاعها ؛ لوجوب التثبّت عند خبره ، ومن صحّة صلاة الفاسق في نفسها ).
قلت : لا ينبغي منه الشكّ والإشكال في عدم كفاية صلاة الواحد وإن كان ذكراً عدلاً في سقوط الفرض ؛ لأنه اشترط لسقوطه القطع أو الظنّ الشرعيّ ، وليس شيء منهما حاصلاً بصلاة العدل الواحد قطعاً ، فضلاً عن الأُنثى أو الفاسق الواحد.
__________________
(١) نسخة بدل : ( عبارته ).