وظاهر عبارته الاكتفاء بصلاة العدل الواحد وأنه لا إشكال حينئذٍ ، وهذا منافٍ لشرطه القطع أو العلم الشرعيّ ، وإنما يتمّ هذا البحث على ما اخترناه.
وحينئذٍ نقول : إن حصل بصلاة العدل ذكراً كان أم أُنثى ظنّ قويّ بانضمام القرائن الخارجة المثمرة له كشدّة صلاحه ، ورغبته في الأعمال ، ومبادرته ، وما أشبه ذلك كفى في السقوط عمّنْ شاهده ، وإلّا فلا.
أمّا صلاة الفاسق والفاسقة فلا تكفي في تحقّق المُسقِط للفرض الثابت بيقين ، ثمّ أيّ فرق بين شهادة العدل الواحد ورؤيته يصلّي؟ فإن صحة صلاته إنما تُعْلَم بخبره ، فإذا كان شهادته لا تكفي في سقوط الفرض ، فمشاهدته يصلّي بدون إخباره لا تكفي بطريق أوْلى ، وإخباره بعد صلاته بصحّتها لشهادته ، بل شهادته أقوى.
وصحّة صلاة الفاسق في نفس الأمر لا تثمر ظنّاً بصحّتها ، فضلاً عن القطع أو الظنّ الشرعيّ الذي اعتبره ؛ لأن وقوعها صحيحة لا يُعلَم إلّا بخبره ، وخبره أضعف من شهادته ، مع أن شهادته غير مقبولة ، فسقط الإشكال من أصله.
قوله : ( هذا هو المشهور ) يعني : الاكتفاء بصلاة الواحد الفاسق. وهذا بإطلاقه مع ما اختاره هو على طرفي إفراط وتفريط.
والحقّ ما قلناه من أنه إن أثمر ظنّاً معتبراً يتحقّق به ظاهريّة وقوع الفعل كفى في السقوط ، وإلّا فلا ، كالعدل. ونمنع أنه بإطلاقه هو المشهور ، بل المشهور ما قرّرناه من الظنّ القويّ المستند إلى القرائن الشرعيّة أو العرفيّة أو العاديّة القويّة.
قوله : ( وفيه إشكال ينشأ من أن قيام الظنّ مقام العلم إنما هو بنصّ خاصّ ، أو بدلالة عقليّة ، ولا شيء منهما فيما نحن فيه ، ولأن الوجوب معلوم [ والمسقط ] (١) مظنون ، والعلم لا يسقط بالظنّ ).
أقول : هذا الإشكال مأخوذ من كلام الشهيد : في ( الروض ) في بحث أحكام
__________________
(١) في المخطوط : ( السقوط ) وما أثبتناه وفقاً للنص الذي نقله المصنِّف عن شارح ( الزبدة ). المتقدّم في ص ١٩.