بها التقرّب إلى الله تعالى ، كما نبّه عليه الشهيد : في ( القواعد ) (١). ومن هذا الباب توجيهه إلى القبلة ، وحمله إلى القبر ، ودفنه فيه ، وردّ السلام ، وإجابة المُسَمّت ، والقضاء ، والشهادة وأدائها ، أمّا غسل الميّت فلا ريب في اشتراط النيّة فيه إذا لم يجعله إزالة نجاسة ، فلا يقع معتبراً في نظر الشرع إلّا بها ، كنظائره من الأغسال ) (٢) ، انتهى.
وأقول : ظاهر كلامه هذا ، بل صريحه أن جميع ما ذكره من قسم المعاملات لا من قسم العبادات ، وعليه فلا معنى للإثم بترك النيّة وإن كانت شرطاً لحصول الثواب.
وقوله عليهالسلام لا عمل إلّا بنيَّة (٣) إن كان المراد به نفي التحقّق فنعم ، لكنّه لا يدلّ حينئذٍ على المطلوب ، وإن أُريد الصحّة والأجر منعناه في المعاملات وخصّصناه بالعبادات.
ثمّ نقول أيضاً : إنه رحمهالله استثنى التغسيل من جميع ما ذكره ، ولم يذكر دليلاً على وجوب النيّة فيه.
ومن ثمّ تردّد المحقّق في ( المعتبر ) (٤) في وجوبها فيه ، واحتمل أنه من باب إزالة النجاسة ، فنحن نطالب مزهر ( الروض ) بالفرق بين التغسيل وغيره من واجبات الميّت على الكفاية غير الصلاة.
والتحقيق أن جميع ما ذكره من باب المعاملات كما أفاد ، فلا يُشترط في صحّته النيّة ، ولا إثم بتركها إلّا تغسيل الميّت ، فإنه عبادة ؛ لما تكثّرت به النصوص من أنه غسل جنابة (٥) ، وكغسل الجنابة (٦) ، وعُلّلَ فيها بأنه لأجل خروج النّطفة التي خلق
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ٨٩ / القاعدة التاسعة والثلاثون ، الفائدة الأُولى ، ق ١ ، ف ٢.
(٢) روض الجنان : ١٠٤ ـ ١٠٥ ( حجريّ ).
(٣) الكافي ٢ : ٨٤ / ١ ، الخصال ١ : ١٨ / ٦٢ ، الأمالي ( الطوسي ) : ٥٩٠ / ٢٢٣ ، وفيه : « بالنيّة » ، عوالي اللآلي ٢ : ١٩٠ / ٨٠ ، وسائل الشيعة ١ : ٤٨ ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب ٥ ، ح ٩.
(٤) المعتبر ١ : ٢٦٥.
(٥) انظر : الكافي ٣ : ١٦٣ / ١ ، علل الشرائع ١ : ٣٤٨ / ٢ ، وسائل الشيعة ٢ : ٤٨٨ ، أبواب غسل الميّت ، ب ٣ ، ح ٦.
(٦) انظر : تهذيب الأحكام ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٧ ، وسائل الشيعة ٢ : ٤٨٦ ـ ٤٨٩ ، أبواب غسل الميّت ، ب ٣.