منها من بدنه (١) ، فهو غسل جنابة ، فهو إذن مثل تغسيل الجنب الحيّ وتوضيئه إذا عجز عنه. ولمّا كان حينئذٍ لا يُكلّف بالنيّة اختصّ وجوبها بالمباشر ، على أن الظاهر أن المسألة إجماعيّة.
وإلّا الجِهاد ، فإنه أحد أركان الإسلام الخمسة ، كما استفاضت به الأخبار ، فهو عبادة كالأربعة الباقية ، ولا ينافيه أن غايته الدفع عن المسلمين ، فإنها الغاية الظاهرة ، وفي الحقيقة غايته حفظ الإسلام وهياكل التوحيد ، فهو من أعظم العبادات. لكن لمّا كان ذلك لا يُمكن إلّا بحفظ المسلمين عبّر الفقهاء بأن غايته حفظهم. فمن هنا يُمكن أن يدخل إنقاذ المسلم من الهلكة في قسم العبادات.
وإلّا السلام وردّه ، وتسميت العاطس وإجابته ؛ إذ لا ينبغي الشكّ في أنها دعاء ، وكلّ دعاء عبادة ، بالكتاب (٢) والسنّة (٣) والإجماع.
وإلّا شكر النعمة إذا كان المنعم هو الله تعالى.
وقد أهمل ذكر ابتداء السلام وتسميت العاطس ، فإن كان لأنهما عبادة طالبناه بالفرق بين الابتداء والردّ ، وإلّا فَلِمَ أهملهما؟! وقد ذكر الردّ ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن غايتهما غاية الجهاد ، بل هو فرد منهما ، وفيه من دفع المفاسد الدينيّة ما لا يخفى.
وهذا آخر ما أردنا إملاءه في هذه الرسالة ، وقد وفدتُ بها على باب مالك رقّي ورقّ الخلائق ، الخلف بن الحسن : عجّل الله فرجه فإن قبلها فطالما عفا عن المذنبين مثلي ، وإن ردّها فبجرائمي ، وهو غير متّهم في عدله ، وأنا أعوذ وألوذ برأفته من سخطه ، وبعفوه من عقابه ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على باب الرحمة محمّد : وآله وسلم كما هم أهله.
__________________
(١) انظر : الكافي ٣ : ١٦٣ / ١ ، ٢ ، ٣ وسائل الشيعة ٢ : ٤٨٧ ، أبواب غسل الميّت ، ب ٣ ، ح ٢ ، ٣ ، ٤.
(٢) الفرقان : ٧٧ ، غافر : ٦٠.
(٣) الكافي ٢ : ٤٦٧ / ٥ ، وسائل الشيعة ٧ : ٢٣ ، أبواب الدعاء ، ب ١ ، ح ٢ ، ٧ ، و ٢٨ ، أبواب الدعاء ، ب ٢ ، ح ١٤.