حيث هو جزء ، فلا يقال : إن الرسول صلىاللهعليهوآله : هو باب مدينة علمه ، فيصحّ جزء نفسه ؛ لأنه هو عين المدينة ذات الباب. فكما لا يقال لغير عليّ عليهالسلام : حتّى النبيّ صلىاللهعليهوآله : باب مدينة علم الرسول : ، لا يقال لغيره مطلقاً : أمير المؤمنين : ، على وجه الاسميّة اللقبيّة ؛ لأن أمير المؤمنين بهذا الاعتبار وباب مدينة العلم بمعنًى واحد كالمترادف.
ولعلّ السرّ في ذلك أن عليّاً عليهالسلام : هو الظاهر لولاية الله العظمى ، وهي ولاية محمَّد صلىاللهعليهوآله : التي هي ولاية الله حقيقة. ولا بدّ لمحمّدٍ صلىاللهعليهوآله : من ظاهر بها وحامل للوائها ، وهو لواء الحمد الجامع لجميع محامد الجمال والجلال ، بحيث لا يشذّ منه شيء ، فكلّ ما في الخلق طرّاً من ذلك قطرة من بحار جماله وجلاله.
ولا يقال : محمّد : هو الظاهر بولاية نفسه ، ولا حامل لواء نفسه ، فإنه عين ولايته التي هي ولاية الله حقّا. ولا بدّ من المغايرة بين الظاهر والمظهر ، فلولا أن عليّاً كان مظهر ولاية محمّد : التي هي باطن نبوّته التي هي باطن رسالته لما ظهرت رسالته ، بل ولا نبوّته.
فهو منه كما قال صلىاللهعليهوآله أنت منّي بمنزلة الروح من الجسد (١) ، وأنت نفسي (٢).
وهما باعتبار شيء واحد ونور واحد ، فعليّ : هو الظاهر بخلافة الله العظمى التي هي خلافة محمّد : ، فكما لا يقال : الله عزّ اسمه من أسمائه أمير المؤمنين ، لا يقال : إن من أسماء محمَّد صلىاللهعليهوآله : أمير المؤمنين ؛ لأن الإمارة تقتضي مؤمّر بكسر الميم ومؤمّر بفتحها ومؤمّر عليه ، فالمؤمّر محمّد : والمؤمّر عليّ : والمؤمّر عليه ما سواه من الخلق. والمؤمّر بكسر الميم من حيث هو مؤمّر لا يكون هو الأمير.
وستظهر إمارة عليّ عليهالسلام : وسلطنته على جميع المؤمنين ، بل الخلائق أجمعين في مقامين
__________________
(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٤٦٩ ، وفيه : « يا عليُّ ، أنت منّي بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد ، والروح من البدن ».
(٢) الاختصاص ( ضمن سلسلة مؤلَّفات الشيخ المفيد ) ١٢ : ٢٢٣.