قواعد الإيمان وأدلّة التوحيد وجميع أخبار أهل البيت ، بل ضرورة المذهب ، وما يلزمه من المفاسد الدينيّة ما لا يحصى ، وهذه غفلة منه نوّر الله ضريحه.
وبالجملة ، فليس في كلامه هذا ما يؤيّد كلام المحقّق : ، ولا ما يدفع نقض الشهيد : له بوجهٍ أصلاً ، بل هو أضعف من استدلال المحقّق : على ما فيه من الضعف ، وأنت إذا تأمّلت الأخبار لم تجد فيها ما يدلّ على وجوب السلام علينا بوجه أصلاً ، وما دلّ بظاهره على صحّة الخروج به أو انقضاء الصلاة بانقضائه فغايته الدلالة على استحباب التسليم المعهود ، وقد عرفت ما فيه ، فليس على مذهب المحقّق : دليل أصلاً ، مع أنه يلزمه أنك إذا قدّمت السلام علينا يكون السلام عليكم من جملة التعقيب ، ولم نظفر بقائل به ، ولا خبر يدلّ عليه ؛ إذ كلّ مستحبّ بعد كمال الصلاة والخروج منها فهو تعقيب.
وقال الشهيد : في ( الروضة ) بعد قول المصنّف : ( ثمّ يجب التسليم ، وله عبارتان السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، مخيّراً فيهما ، وبأيّهما بدأ كان هو الواجب وخرج به من الصلاة ، واستحبّ الآخر ) (١) ـ : ( وأمّا جعل الثاني مستحبّاً كيف كان كما اختاره المصنّف هنا فليس عليه دليل واضح ، وقد اختلف فيه كلام المصنّف فاختاره هنا وهو من آخر ما صنّفه ، وفي ( الألفيّة ) (٢) وهي من أوّله ، وفي ( البيان ) أنكره غاية الإنكار ، فقال بعد البحث عن الصيغة الأُولى : ( وأوجبها بعض المتأخّرين ، وخيّر بينها وبين السلام عليكم ، وجعل الثانية منهما مستحبّة ، وارتكب جواز السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين بعد السلام عليكم ، ولم يذكر ذلك في خبر ولا مصنّف ، بل القائلون بوجوب التسليم واستحبابه يجعلونها مقدّمة عليه ) (٣) ، وفي ( الذكرى ) نقل وجوب الصيغتين تخييراً عن بعض المتأخّرين ، وقال : ( إنه قويّ متين إلّا إنه لا قائل به من القدماء فكيف
__________________
(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٢٧٧.
(٢) الألفيّة في الصلاة اليوميّة : ٦٠.
(٣) البيان : ١٧٧.