وهذا الإبطال يتمشّى على القول بالجزئيّة والخروج ، ويلزم القول بالاستحباب عدم البطلان ، ولا أظنّ أحداً يقول به من الفرقة ، لما يلزم من موافقة أبي حنيفة.
أمّا الغالط فإن أراد به مَنْ كان مستحضراً عند التسليم أني في فرض الظهر مثلاً وقصد تسليمها والنقش حينئذٍ في ذهنه بدل حروف فرض الظهر حروف فرض المغرب مثلاً ، فلا شكّ أنه لا يضرّه ؛ لعدم اعتبار ذلك في النيّة شرعاً.
وإن كان أراد به من توهّم أنه في فرض العصر مثلاً ، والحال أنه في الظهر مثلاً ، فهذا هو السهو بعينه ؛ لعدم ظهور مباينة هذا لأقسام السهو ، والظاهر أن صلاته حينئذٍ صحيحة ، اكتفاءً بنيّة السابقة البسيطة الشاملة لجميع أجزاء الصلاة ، وهذا من باب رفع عن أُمّتي الخطأ والنسيان (١) ومن باب إنّ الصلاة على ما افتتحت عليه (٢) كما جاء في غير خبر ، وموردها من قام ونوى فرضاً فذهل في أثنائه فظنّ أنه في نفل ، فهي من باب المسألة المبحوث عنها ؛ لعدم الفرق ، فلا إشكال.
ولا تتوقّف الصحّة حينئذٍ على القول بعدم وجوب نيّة الخروج. نعم ، الأحوط إعادة السلام ، وسجود السهو بعده.
ووجه عدم الإعادة والسجود أن الظاهر قصد التسليم فيما دخل فيه من الصلاة والخروج بفعله منها ، وإنما ذلك من خطأ الوهم ، كما أنه إذا كان في فرض فتوهّم أنه في نفل فسجد إنما يقصد السجود فيما دخل فيه وإن وهم أنه نفل ، وهذا كافٍ ، والله رؤوف بالعباد ، وباقي كلامه واضح.
ثمّ قال رحمهالله تعالى ـ : ( الثالث : وقت النيّة على القول بوجوبها عند التسليم مقارنة له ، فلو نوى الخروج قبل التسليم بطلت الصلاة لوجوب استمرار حكم النيّة ، ولو نوى قبله الخروج عنده لم تبطل ؛ لأنه قضية الصلاة ، إلّا إنه لا تكفيه
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٦ / ١٣٢ ، عوالي اللآلي ١ : ٢٣٢ / ١٣١ ، وسائل الشيعة ٤ : ٣٧٣ ، أبواب لباس المصلّي ، ب ١٢ ، ح ٦ ، ٨.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ١٩٧ / ٧٧٦ ، عوالي اللآلي ١ : ٢٠٥ / ٣٤.