من عقبي ومهاجري وأنصاري ، وغيرهم من بدوي وحضري ، حتّى امتلأ الدوح ، وبقي أكثر الناس في الشمس ، يقي قدميه بردائه من شدّة الرمض ، فصلّى صلوات الله عليه وآله تحتهن ركعتين ، ثمّ قام خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : « ... » ، ثمّ قال : « من كنت أولى به من نفسه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ... » فقال رجل من القوم : ما بال محمّد يرفع بضبع ابن عمّه؟!
فسمعه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فتغيّر لذلك وجهه ، فلمّا رأى ذلك الرجل أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد علم به ، واشتدّ عليه ، أقبل على علي فقال له : هنيئاً يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
ثمّ أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بيد علي الثانية فقال : « يا أيّها الناس ، اسمعوا ما أقول لكم : إنّي فرطكم على الحوض ، وإنّكم واردون عليّ الحوض ، حوضاً أعرض ما بين صنعاء إلى أيلة ، فيه عدد نجوم السماء أقداح ، إنّي مصادفكم على الحوض يوم القيامة ، ألا وإنّي مستنقذ رجالاً ، ويخلج دوني آخرون ، وأقول : ياربّ ، أصحابي أصحابي ، فيقال : إنّهم أحدثوا وغيّروا بعدك ، وإنّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».
قالوا : وما الثقلان يارسول الله؟
قال : « الأكبر منهما كتاب الله سبب ما بين السماء والأرض ، طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به ولا تضلّوا ولا تبدّلوا ، والأصغر منهما عترتي أهل بيتي ، فقد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ، فلا تعلّموا أهل بيتي فإنّهم أعلم منكم ، ولا تسبقوهم فتمرقوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تتولّوا غيرهم فتضلّوا (١) ».
____________
١ ـ الكامل المنير : ٨٣ ، حديث الغدير.