وجب الاجتناب عنها بالكلية وحرم أخذ شيء منها ، ولم يعلم ورود دليل على الجواز في أمثال المقام بعد أن كانت النصوص في حل جوائز الجائر وصحة معاملاته واردة فيما خص الابتلاء به من أمواله ، لا مطلقا.
هذا ، والوجه هو ما ذكرناه ، لا ما ذكره مشايخنا من الوجه المتقدم ذكره في كلامهم : من حمل الفعل على الصحة ، ومنه يظهر جواز الأخذ منه ولو علم الاقدام منه على المشتبه عنده ، خلافا لما تقدم من مشايخنا من اشتراطه بما لم يكن الاقدام كذلك ، ضرورة وضوح الفرق بين المدركين : ما هو المدرك عندنا ، وما هو المدرك عندهم.
وإنما يتجه اعتبار ذلك بناء على الثاني دون الأول.
ثم إن مقتضى إطلاق النصوص والفتاوى عدم الفرق في الحكم المذكور بين ما علم ثبوت مال حلال للظالم أو لا ، وان كان ربما يوهم اعتبار ذلك فيه بعض الأخبار ، مثل ما عن (الاحتجاج) : «عن الحميري : أنه كتب إلى صاحب الزمان ـ عجل الله فرجه ـ يسأله عن الرجل يكون من وكلاء الوقف مستحلا لما في يده ولا يتورع عن أخذ ماله ، ربما نزلت في قرية ، وهو فيها ، أو أدخل منزله ـ وقد حضر طعامه ـ فيدعوني إليه ، فان لم آكل من طعامه ـ عاداني ، فهل يجوز لي أن آكل من طعامه وأتصدق بصدقة ، وكم مقدار الصدقة؟ وإن أهدى إلى هذا الوكيل ، فيدعوني إلى أن أنال منها ، وأنا أعلم أن الوكيل لا يتورع عن أخذ ما في يده ، فهل عليّ شيء ان أنا نلت منها؟ الجواب : إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكل طعامه ، واقبل بره ، وإلا فلا» (١).
__________________
(١) الحديث مفصل يذكره الطبرسي في (الاحتجاج) ج ٢ ص ٣٠٦ طبع النجف الأشرف.