أما النقوض فمنها ـ النقض على الكلية السلبية باستعارة المحرم الصيد من المحل ، فإنهم حكموا بوجوب الإرسال مع غرامة القيمة للمالك ، فهي عارية فاسدة مضمونة ، مع أن صحيحها غير مضمون.
وفيه ـ مع أنه مبني على وجوب الإرسال ، والغرامة للمالك كما هو أحد القولين في المسألة ، والآخر ـ وجوب رده الى المالك والفداء لله تعالى ، تقديما لحق المالك وجمعا بين الحقين ، وعليه فلا يتم النقض.
مبني أيضا على الضمان مطلقا ، ولو بالتلف قبل الإرسال ، وهو في حيز المنع وحكمهم بالضمان هنا للإتلاف المنبعث عن وجوب الإرسال ، وهو من أسباب الضمان مطلقا في صحيح العارية وفاسدها ، فالكلام منهم مسوق لبيان حكم الإتلاف بالإرسال دون التلف ، دفعا لما لعله يتوهم من عدم الضمان مطلقا ، ولو بالإتلاف ، لأن المالك أقدم بهذه العارية الواجب على المستعير إتلافها على كونه تالفة عليه.
وبالجملة ، فالصواب أن يقال بعدم الضمان على المحرم مع التلف في يده لكونها عارية فاسدة ، وصحيحها غير مضمون ، ففاسدها كذلك والضمان مع الإتلاف بالإرسال لان صحيحها مضمون بالإتلاف ففاسدها مضمون به أيضا.
وربما يقال ـ بل قيل ـ في توجيه الضمان ـ مطلقا ـ بدعوى انتقال القيمة إلى ذمة المحرم بمجرد أخذه له من المحل ، وان كان عارية لوجوب الإتلاف عليه ، إما بخروجه عن ملك المالك بذلك ، فتكون القيمة حينئذ بدلا عن العين ، وان لم يملكها المحرم ، أو بدلا عن الحيلولة مع بقائها على المملوكية مطلقا ، أو الى الإرسال ، لأن الممتنع شرعا كالممتنع عادة وان جاز للمحل صيده بعد الإرسال ـ على التقديرين ـ وعليك باستخراج الثمرة بينهما ، أو بدعوى كونها مضمونة عليه مطلقا ، ولو بالتلف من دون